إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا logo    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه
shape
شرح كتاب الآجرومية
133578 مشاهدة print word pdf
line-top
الحرف الثالث: ثم

...............................................................................


أما العطف بثم؛ فإنها للترتيب والتأخر. المعطوف بثم لا شك أنه متأخر عن المعطوف عليه، وبينهما مهلة وزمن قليل أو كثير فقوله تعالى: فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ نَظَرَ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ كل هذه أفعال مرتبة؛ حصل الأول قتل كيف قدر كيف قدر . حصل بعده النظر ثُمَّ نَظَرَ حصل بعده العبوس ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ حصل بعده الإدبار ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ فهذه الأفعال كلها معطوف بعضها على بعض بثم. وهي مرتبة؛ أولها مثلا التقدير قَدَّرَ وثانيها النظر، وثالثها العبوس إلى آخره. وهكذا مثلا إذا قلت: جاء زيد ثم إبراهيم ثم سعيد ثم بشر؛ بين كل اثنين مهلة وزمان.
ولاحظ أيضا الإعراب؛ أن الأول يتبعه ما بعده. إن كان مرفوعا فإن ما بعده تتبعه بالرفع، وهكذا إن كان منصوبا حافظ على أن تكون الأسماء المعطوفة عليه بعده تنصب.

line-bottom