لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. logo اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.
shape
شرح كتاب الآجرومية
140999 مشاهدة print word pdf
line-top
الحرف الثالث: ثم

...............................................................................


أما العطف بثم؛ فإنها للترتيب والتأخر. المعطوف بثم لا شك أنه متأخر عن المعطوف عليه، وبينهما مهلة وزمن قليل أو كثير فقوله تعالى: فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ نَظَرَ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ كل هذه أفعال مرتبة؛ حصل الأول قتل كيف قدر كيف قدر . حصل بعده النظر ثُمَّ نَظَرَ حصل بعده العبوس ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ حصل بعده الإدبار ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ فهذه الأفعال كلها معطوف بعضها على بعض بثم. وهي مرتبة؛ أولها مثلا التقدير قَدَّرَ وثانيها النظر، وثالثها العبوس إلى آخره. وهكذا مثلا إذا قلت: جاء زيد ثم إبراهيم ثم سعيد ثم بشر؛ بين كل اثنين مهلة وزمان.
ولاحظ أيضا الإعراب؛ أن الأول يتبعه ما بعده. إن كان مرفوعا فإن ما بعده تتبعه بالرفع، وهكذا إن كان منصوبا حافظ على أن تكون الأسماء المعطوفة عليه بعده تنصب.

line-bottom