إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
شرح كتاب الآجرومية
108598 مشاهدة
النوع الثالث: الأسماء الخمسة

...............................................................................


أما الأسماء الخمسة، تقدم أنها: أبوك، وأخوك، وحموكِ، وفوك، وذو مال. وهذه الأسماء ذكروا أنها خمسة، وزاد بعضهم سادسا وهو: هنوك، ولكن ذكر ابن مالك أن الهن النقص فيه أكثر، ذكرنا فيما تقدم أن هناك من يعربها بالحركات، فيقول: هذا أبُك، رأيت أبَك، مررت بأبِك. فتعرب بالحركات، وهناك مَنْ يبنيها على الألف دائما، ويستدلون بما رُوِيَ عن العرب، قال الشاعر:
إن أبـاها وأبـا أبـاهـا
قد بلغـا في المجد غايتاهـا
فهاهنا قالوا: إن إعرابها بالألف دائما، فيقولون: هذا أباك، ورأيت أباك، ومررت بأباك. وهذا ليس بفصيح.
واللغة الثالثة: أنها تعرب بالحروف، والحروف التي تعرب بها هي الحروف الثلاثة، وذلك لنقص الكلمة، كون الكلمة على حرفين فاحتاجوا إلى أن يشبعوا الحركة من جنسها، فإذا كانت حركة الحرف الأخير ضمة، أشبعوها وجعلوها واوا، وإن كانت كسرة جعلوها ياء، وإن كانت فتحة جعلوها ألفا. يعني: أنهم أشبعوا الحركة من جنسها، فقالوا: بدل ما يقولون رأيت أبَكَ -الباء مفتوحة- مدوا الباء وقالوا: أباك. بدل ما يقولون: هذا أبُك -الباء مضمومة- أشبعوا الضمة فقالوا: أبوك، بدل ما يقول: مررت بأبِِكَ -الباء مكسورة- أشبعوا الكسرة، وجعلوها ياءً، فقالوا: مررت بأبيك، فإعرابها بحروف من جنس الحركات؛ لأن الألف من جنس الفتحة، والواو من جنس الضمة، والياء من جنس الكسرة. فصار إعرابها بالحروف التي تشابه الحركات التي كانت عليها لما كانت منقوصة.
النقص هو قولهم: هذا أبُك، رأيت أبَك، مررت بأبِك، والإشباع: هذا أبوك، رأيت أباك، مررت بأبيك. وبه جاء القرآن: قال تعالى في سورة يوسف قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ لم يقل أخُكَ، وقال: آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ -منصوب- لم يقل: أخَهُ، مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ لم يقل: أخَه، فدل على أنها أُشْبِعَتْ وَأُعْرِبَت بالحروف.
هذه هي الأسماء الخمسة، فتقول: هذا أبوك، رأيت أباك، مررت بأبيك، هذا أخوك، رأيت أخاك، مررت بأخيك. الحمو: يختص بالمرأة، حمو المرأة هو: أخو زوجها، أو قريبه. فتقول: هذا حموكِ، رأيت حماكِ، مررت بحميكِ. وتقول في إعرابها: هذا أبوك: مرفوع وعلامة رفعه الواو لأنه من الأسماء الخمسة. مررت بأبيك: مجرور أو مخفوض، وعلامة جره أو خفضه الياء لأنه من الأسماء الخمسة، أو الياء بدل الكسر. رأيت أباك: منصوب وعلامة نصبه الألف بدل الفتحة. والكاف أو الهاء، إذا قيل مثلا: أبوهما، أبوه، أبوها، الهاء أو الكاف: أبوك، مضاف إلى الاسم. وتقدم أن قلنا أنه يشترط لإعرابها أربعة شروط:
الشرط الأول: أن تكون مضافة.
والشرط الثاني: أن تكون إضافتها لغير ياء المتكلم.
والشرط الثالث: أن تكون مكبرة.
والشرط الرابع: أن تكون مفردة. فإذا اختل شرط فإنها تعرب بالحركات. فالمصغر مثلا يعرب بالحركات، فتقول: هذا أُبَيُّكَ، رأيت أُبَيَّك، مررت بِأُبَيِّكَ. يعرب بالحركات. والجمع يعرب بالحركات: هؤلاء آباؤك، رأيت آباءك، مررت بآبائك. يعرب بالحركات.
الحركات الآن على الحرف الذي قبل الضمير- الذي قبل الكاف- وكذلك المقطوع عن الإضافة: هذا أبٌ، رأيت أبًا، مررت بأبٍ. هذا أخٌ، رأيت أخًا، مررت بأخٍ- مقطوع عن الإضافة- فيُعْرَبُ بالحركات. أما إذا كان مضافا لياء المتكلم، فإنه يعرب بحركة مقدرة على ما قبل الياء، فتقول: هذا أبي، رأيت أبي، جاء أبي، أكرمت أبي، بررت بأبي. معرب بحركة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة.