اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة
شرح كتاب الآجرومية
92993 مشاهدة
النوع الثاني: الفعل الأمر

...............................................................................


وأما فعل الأمر، فهو الذي يوجه إلى المخاطب لطلب الامتثال. تأمره بأن يمتثل ما تقول، فتقول: قم، أو اجلس، أو ادخل، أو اذهب. والغالب أنه يكون من ثلاثة أحرف، أو حرفين، أو أربعة أحرف بهمزة الوصل. فإذا كان ثلاثيا نحو: قُمْ، وقُلْ، فإن الأصل فيه أن معه همزة، ولكنها حذفت للتخفيف. وإذا كان مضعفا مثل: رُد َّ، وحِنَّ فإن الأصل أنه ثلاثي، وإذا كان معتلا مثل صلِّ وزكِّ فإن الأصل أنه آخره حرف علة، فلأجل ذلك يحذف حرف العلة ويكون الفعل من حرفين. رأيت في بعض اللافتات مكتوبا اللهم صلي على محمد؛ وهذا خطأ؛ كتابة الياء في صلي أمر للمؤنث. المؤنث يقال لها: صلي، والمذكر: صل؛ تكتب صل. فإذا قيل لك: صل الصلاة؛ فإنها تكتب بدون ياء الصاد واللام فقط.
ومثلها كل فعل معتل الآخر. المعتل الذي بالألف؛ مثل صلى، والمعتل الذي بالياء؛ مثل خشي. فكلها إذا كان فعلا أمرًا فإنها يحذف حرف العلة؛ فتقول: اخش الله؛ اخش. تكتب ألفا وخاء وشينا وتحذف الألف من خشي.
وتقول مثلا: ادع ربك؛ ادع. تحذف الواو فتكتب ألفا ودالا وعينا. وكذلك إذا كان في أوله حرف علة، وفي آخره حرف علة؛ لم يبق إلا الوسط؛ فيذكرون أنه يكون على حرف واحد؛ إما أن يكون مفتوحا أو مكسورا. حرف واحد. فعل الأمر قد يكون حرفا واحدا؛ مثل وشى. الوشاية هي نوع من النميمة، وقد تطلق أيضا على خياطة الثوب؛ وشى الثوب. كيف يكون فعل الأمر؟ . الشين مكسورة فقط. إذا أمرته فإنك تقول: شِ، شِ ثوبك؛ شين فقط ليس قبلها ولا بعدها.
ومثل وعى؛ أولها حرف علة، وآخرها حرف علة، ووسطها حرف صحيح وهو العين. فإذا أمرت فإنك تحذف الحرفين الأول والآخر، وتبقي الحرف الوسط. وعي إذا أردت أن تأمر؛ إذا وصفته وقلت: فلان وعى القول فهو يعيه وهو واع؛ وأما إذا أمرت فإنك تقتصر على حرف العين مكسورة؛ فتقول: عِ؛ عِ القول؛ أمر له بالوعي.
وإذا كان مفتوحا؛ مثل رأى. قالوا: إن رأى معتلة الآخر والوسط، وليس فيها إلا حرف واحد حرف صحيح؛ وهو الراء. فعلى هذا إذا أمر بها فإنه ينطق بالراء مفتوحة، ويحذف حرف العلة الثاني والثالث فتقول: رَ، رَ الرأيَ؛ يعني أمر من الرأي؛ ره يعني انظره؛ أمر من رأى يرى. ر الرأي يا فلان؛ فعرف بذلك أنه إذا كان فعل الأمر معتلا؛ فإنه يحذف منه حرف العلة، وتبقى الحروف الصحيحة.
فمثل صلى؛ حرف العلة هو الآخر. الصاد واللام صحيحان؛ فتقول: صل، وكذلك: زك؛ تحذف حرف العلة. وأما مثل وعى وما أشبهه مما فيه حرفان؛ فإنه يقتصر على الحرف الصحيح. وأما مثل رمى حرف العلة هو الأخير؛ فإنك تحذفه وتقول: ارم. ارم ليس بعد الميم شيء؛ ارم.
وكذلك سعى؛ حرف العلة هو الألف؛ فتقول: اسع؛ ليس بعد العين شيء؛ ألف وسين وعين. وكذلك خشي. الياء حرف علة؛ فإنك تقول: اخش. اخش الله، ولا تكتب بعد الشين شيئا.
وكذلك دعا؛ ادع. ادع ربك، ولا تكتب بعد العين شيئا؛ مع أنها واو تظهر في الفعل المضارع. يدعو. ارج ربك؛ ارج الله؛ تخاطب واحدا. وإذا خاطبت مثنى؛ فإنك تقول: ارجوا ربكما؛ ادعوا الله. وكذلك صليا فتأتي بحرف العلة لأجل علامة التثنية.
وأما إذا كان معتل الثاني والثالث؛ مثل رأى؛ فقد ذكرنا أنه يؤتى بالراء مفتوحة؛ إذا كان المخاطب واحدا؛ فتقول: ر، وإذا كان اثنان فإنك تقول: رأى؛ رياه، روه إذا كانوا جمعا. رين يعني إذا كنت تخاطب المؤنث.
وكذلك إذا أمرت الجمع من وعى؛ فإنك تقول للاثنين: عيا القول، وللجمع عوه، وللمؤنث عين. وهكذا.
فهذا هو الفعل الأمر. في حق المخلوق يسمى أمر، وأما في حق الله تعالى فإنه يسمى دعاء؛ حتى لا يقال: إن العبد يأمر ربه. ولكنه يعرب بأنه فعل أمر؛ فإذا قلت: رب اغفر وارحم وتجاوز؛ فإنك تقول: هذه أفعال أمر؛ يعني هي فعل أمر، ولكن العبد لا يأمر ربه فنسميها دعاء. نسميها أفعال دعاء؛ يدعو الله بقوله: اغفر وارحم. وكذلك أعط إذا كان معتلا؛ أعطنا؛ أعط عبادك، وتفضل علينا.
وكذلك إذا كان معتل الآخر نحو اسق؛ اسق عبادك؛ اسق بلادك. ما نقول: إنه أمر؛ بل نقول: إنه دعاء في حق الله تعالى؛ حتى لا يكون الأمر موجها إلى الله تعالى من العبد؛ لأن الأمر في الأصل ما يكون إلا من الأعلى لمن هو دونه ؛ فتقول: أمرت خادمي بكذا، وأمرت ولدي بكذا وكذا، ولا تقول: أمرت الملك بكذا؛ أمرت الوزير بكذا، بل تقول: طلبت منه كذا، أو التمست منه كذا. ولا تقول: أمرت رب بالمغفرة أو بالرحمة أو بالتجاوز؛ لأن العبد لا يأمر ربه، ولكن تقول: دعوت رب.
فالأمر لمن دونك فعل الأمر لمن دونك يسمى أمرا، ولمن هو مثلك يسمى طلبا أو التماسا، وفي حق الله تعالى يسمى دعاء. العبد يدعو ربه.وقد علم الله تعالى عباده بالدعاء في آيات كثيرة، وحكى عن الأنبياء والرسل أنهم دعوا. فقال نوح رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا هذا دعاء. وكذلك قول موسى رَبِّ اغْفِرْ لِي لما فعل الذنب.
فالحاصل أن هذا الفعل الذي هو فعل الأمر يعتبر أمرا وطلبا ودعاء، وأن الأصل أنه مبني على السكون. الأصل أنه ساكن، ولا يقال إنه معرب. وإنما اختلاف الحركات في آخره بسبب حروف العلة. وإلا فالأصل أنه ساكن.