لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
شرح كتاب الآجرومية
96656 مشاهدة
الرابع: الحال

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب الحال. الحال: هو الاسم المنصوب المفسِّر لما انبهم من الهيئات نحو: جاء زيد راكبًا، وركبت الفرس مسرجًا، ولقيت عبد الله ماشيًا، وما أشبه ذلك، ولا يكون الحال إلا نكرة، ولا يكون إلا بعد تمام الكلام، ولا يكون صاحبها إلا معرفة.


بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على محمد .
من الأسماء المنصوبة الحال: وهو صفة، ومما يستغنى عنه، ويسمى فضلة، يقسمون الكلمات إلى قسمين: فضلة وعمدة. فالعمدة: هو الذي لا يستغنى عنه، ولا يتم الكلام إلا به: كالفاعل والخبر، وأما الفضلة: فهو الذي يمكن الاستغناء عنه، يتم الكلام ولم يؤتَ به، فمن ذلك الحال وهو من الأسماء، والدليل عليه أنه ينوّن كالأمثلة التي سمعنا، إذا قيل مثلا: جاء زيد ضاحكًا، فكلمة ضاحكًا اسم؛ لأنها منونة، والتنوين من خصائص الأسماء.
وذكر أنه يكون مفسرا لما انبهم من الهيئات، هيئة الآتي مثلا، أو هيئة المصنوع والمعمول به مبهمة؛ فيفسرها هذا الحال ويوضحها فقولهم: ركبت الفرس مسرجًا؛ يعني حال كونه مسرجًا؛ أي في حال أن عليه سرج، السرج: هو الذي يجعل فوق ظهر الفرس عنده، يقي الراكب.
وكذلك يكون الحال من المتكلم، أو من المقابَل ونحوه، فيقولون مثلا: لقيت خالدا محرما؛ أي في حال إحرامه؛ أي قابلته في حال كونه محرمًا، وقد يكون هناك حالان من المتكلم وممن يقابله، فيقولون مثلا: لقيت أخاك مُصْعِدًا منحدرا، هاهنا حالان: حال من المتكلم، وحال من المخاطب أو المحكي عنه؛ يعني كأن واحدا منهم هو المُصعِد والآخر هو المنحدِر، ومثله لو قال: لقيته راكبًا ماشيًا. فراكبًا حال من أحدهما، وماشيًا حال من أحدهما.
الحال لا بد أن يكون نكرة، لا يكون الحال إلا نكرة، مُنَكَّر، وعلامته أنه دخل التنوين؛ لأن التعريف يسبب أنه صفة. إذا قلت مثلا: لقيت زيدا الراكب، أو زيدا الغني اعتبرنا هذا نعتا لا أنه حال، بخلاف ما إذا قلت: لقيته ضاحكًا؛ أي في حال كونه ضاحكًا، فهذه نكرة.
ولا يكون إلا بعد تمام الكلام، الحال لا يتقدم؛ بل يكون بعد تمام الكلام؛ فإذا تقدم فقد يكون حالا، وقد يفسر بغيرها. فمثلا إذا قلت: ركبت مسرجًا الفرس قد يقال: إنها حال مقدمة. ركبت فرسا مسرجا؛ ولكن تقديمه يختل به الكلام.
وعرفنا أنه قد يكون لاثنين: للمتكلم، وللذي يقابله. لكن في هذا المثال لا بد أن يكون هناك ما يميز أحدهما عن الآخر، فإذا كان هناك ما يميز جاز صرف الحالين كأن يقول مثلا: لقيت هندا مسندًا منحدرةً؛ أي أنا مسند، وهي منحدرة؛ فتبين بذلك ما يعود على المرأة، وما يعود على الرجل.
وهكذا إذا كان هناك أيضا ما يميزه، كأن يقول مثلا: ركبت الفرس مسرجًا عاريًا؛ يعني حالين، يعني تعددت الحال مسرجًا وعاريًا؛ أي ليس عليه جل، وبكل حال الحال من منصوبات الأسماء، وليس هو من الذي يعمل؛ بل إنما هو من الفضلة الذي يكون بعد تمام الكلام؛ فلا يكون إلا بعد تمام الكلام، ولا يكون إلا منصوبا، ولا يكون إلا نكرة، ولا يكون صاحبه إلا معرفة.
فإذا كان صاحبه نكرة اعتبرناه صفة. فإذا قلت مثلا: ركبت فرسا عاريا، اعتبرنا عاريًا صفة، وكذلك إذا قلت: لقيت رجلا غنيًّا، رجلا نكرة، وغنيًّا صفة، بخلاف ما إذا قلت: لقيت زيدا غنيًّا أو فقيرًا؛ أي في حال كونه غنيا، وفي حال كونه فقيرا؛ فتعتبر هذه حال؛ فيتفطن للحال، ويعرف أنه من المنصوبات، وأنه ليس من عمد الكلام؛ بل مما يتم الكلام بدونه.