لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.
شرح كتاب الآجرومية
96402 مشاهدة
التوكيد المعنوي

...............................................................................


ويكون بألفاظ معينة محددة؛ وهي النفس والعين وكل وأجمع، وتوابع أجمع وهي أكتع وأبتع وأبصع. هذه ألفاظ التأكيد؛ يعني ذكروا أن التأكيد تارة بتكرار الكلام الأول، وتارة بعبارة أخرى أو بلفظة أخرى. فإذا قلت مثلا: جاء زيد نفسه؛ فنفسه تأكيد لزيد. وتقول مثلا: رأيت عمرا نفسه. لماذا أتيت بهذه الكلمة نفسه؟ . لئلا يفهم أن الذي جاء، أو الذي رأيت أحد خدمه أو رسله أو أولاده. فقد يقال: ما جاء إلا أحد خدمه؛ فإذا أتيت بكلمة نفسه انتفى أن يكون غيره.
يقولون مثلا: جاء الأمير نفسه، رأيت الأمير نفسه، مررت بالأمير نفسه. لماذا أوتي بالنفس؟ . مخافة أنك ما رأيت إلا أحد خدمه، أو أحد رسله، أو أحد أولاده. فأنت إذا أتيت بذكر النفس؛ عرف بذلك صدقك، وأنك رأيته هو لم تر غيره. وكذلك لفظ العين، وكذلك لفظ الرأس. إذا قلت مثلا: جاء زيد رأسه؛ ليس مرادك الرأس فقط بل جملته. إذا قلت مثلا: رأيت خالدا عينه؛ ليس المراد بالعين فقط مثل ما رأيت إلا عينيه؛ بل تثبت بذلك أنك رأيت الشخص. وكذلك إذا قلت: شخصه؛ رأيت زيدا شخصه؛ تنفي بذلك أن يكون المرئي أحد خدمه، أو نحو ذلك.
فالحاصل.. أن التوكيد بهذه الكلمة بالنفس أو بالعين أو بالرأس أو بالشخص يتبع المؤكد. هذا خالد نفسه، رأيت سعيدا نفسه منصوب، مررت بسعد نفسه أو عينه أو شخصه مجرور. ولا يكون منكرا؛ لا تقول: رأيت رجلا نفسه؛ لأن المنكر لا يحتاج إلى تأكيد لأنه غير معروف. بخلاف المعرف كالأمير مثلا والوزير، والمعروف الذي أنت تعرفه ويعرفه الحاضرون الذين أنت تكلمهم؛ فإنه بلا شك يحتاج إلى تأكيد. رأيت زيدا نفسه.
ويكون أيضا تأكيدا للجمع؛ بلفظ الكل، والجمع أجمع. إذا قلت مثلا: جاء الحجاج كلهم. لو لم تأت بكلمة كل؛ لفهم أن الذين جاءوا بعضهم. إذا قلت مثلا: رأيت الحجاج أو الغزاة كلهم؛ قد يفهم أنك ما رأيت إلا بعضا منهم؛ فأتيت بكلمة كل حتى ينتفي أن المرئي هو البعض. كذلك كلمة أجمع؛ إذا قلت مثلا: رأيت القوم أجمعين؛ ظهر بذلك أنك رأيت الجميع؛ ما رأيت بعضا منهم. رأيت إخوتك كلهم، مررت بإخوتك أجمعين. فكلمة أجمع تأكيد؛ فتعرب بإعراب ما قبلها.
يعني تعرب بإعراب المرئى؛ إذا قلت: رأيت القوم أجمعين؛ فأجمعين منصوب تأكيد للقوم؛ القوم منصوب، وأجمعين منصوب. جاء الحجاج أجمعون؛ الحجاج مرفوع، وأجمعون مرفوع وعلامة رفعه الواو. مررت بالحجاج أجمعين؛ أجمعين مجرور علامة جره الياء؛ لأنه تأكيد للحجاج المجرور.
وتوابع أجمع وهي أكتع وأبتع وأبصع؛ يؤتى بها أيضا للتقوية. فإنك إذا قلت مثلا: لعن الله اليهود أجمعين أكتعين أبتعين أبصعين، لعن الله المنافقين أجمعين أكتعين أبتعين أبصعين؛ كان ذلك تقوية للكلام. وإذا قلت مثلا: وقف الحجاج بعرفة أجمعون أكتعون أبتعون أبصعون؛ أثبت أنهم وقفوا كلهم بعرفة مثلا. وإذا قلت: صام أهل هذا البلد كلهم أجمعون أكتعون أبتعون أبصعون؛ أثبت أنه ليس فيهم أحد ترك الصيام بل كلهم صائمون.
فكل ذلك من باب تقوية الكلام؛ حتى لا يظن أن الكلام خاص بالبعض دون الكل. فذكر أنه يتبع المؤكد في رفعه ونصبه وخفضه. فنصبه؛ رأيت أخاك نفسه، ورفعه؛ جاء أخوك نفسه، خفضه؛ مررت بأخيك نفسه. تعريف أخوك معروف.
وكذلك إذا قلت مثلا: رأيت إبراهيم نفسه؛ إبراهيم معروف عند المخاطبين، أو قلت مثلا: جاء صالح شخصه؛ صالح معروف عند الحاضرين. وأما التذكير والتأنيث؛ فإذا قلت مثلا: هذا حديث عائشة نفسها، وروت ذلك فاطمة نفسها. فإنه يتبعه في التذكير والتأنيث. فهذا من أحد التوابع الذي هو التوكيد اللفظي والتوكيد المعنوي.