لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
شرح كتاب الآجرومية
96646 مشاهدة
النوع الثاني: جمع المذكر السالم

...............................................................................


الثاني: جمع المذكر السالم، يدخل فيه جمع الأسماء، وجمع الصفات، فجمع الأسماء مثل: الزيدون: جمع زيد، والعامرون: جمع عامر، والعمرون: جمع عمرو، ويدخل فيه الأوصاف نحو: المسلمون: جمع مسلم، المؤمنون: جمع مؤمن، القانتون، الصادقون، الصابرون. هذه كلها جموع، ولكنها أوصاف للمذكر السالم.
وقد تقدم سبب تسميته سالما، وهو أن حروف المفرد سالمة لم تتكسر ولم تتغير، بخلاف جمع التكسير، فإن حروفه تكسرت، يعني: بزيادة أو نقص، أو بتغيير في الإعراب أو ما أشبه في الحركات. لفظ دل على أكثر من اثنين، وأغنى عن المتعاطفين، بزيادة في آخره، صالح للتجريد، وعطف مثله عليه. يعني تعريفه قريب من تعريف المثنى، إلا أنه دل على أكثر من اثنين، بزيادة في آخره، وأنه صالح للتجريد، يعني: يصلح أن تجرد منه الزيادة، ويبقى مفردا. إعرابه أيضا بالحروف، الحروف التي يعرب بها: ( الواو، والياء)، الواو: إذا كان مرفوعا، والياء إذا كان منصوبا أو مجرورا، مثل المثنى، المثنى إذا كان مرفوعا فإنه بالألف، وهذا إذا كان مرفوعا فإنه بالواو.
وأما النصب والجر، فيشتركان في الياء: المثنى والجمع، المرفوع مثل: جاء الزيدون، وكذلك: جاء الْعَمْرُون، هذا جمع. وكذلك الأوصاف: هؤلاء المسلمون، هؤلاء المتقون المؤمنون، مرفوع علامة رفعه الواو. إذًا فهذه الواو هي التي تتغير، أما النون التي بعدها فإنها ثابتة لا تتغير، فلذلك جعلت العلامة هي التي تتغير: تارة واوا، وتارة ياء. إذا كان مرفوعا فإنك تكتبه: جاء المسلمون، وإذا كان منصوبا: رأيت المسلمين- بدل الواو ياء. الياء هي التي تغيرت أو الواو. فكان إعرابه بالحروف. جاء هذا الحرف الذي تغير، فينصب بالياء: رأيت المسلمين، والزيدين.
وكذلك يخفض بالياء: مررت بالمسلمين، وجلست إلى المؤمنين والمتقين. أو: حافظت على مجالسة المتقين أو المؤمنين. مجرور بالحرف -بحرف الياء- وعند المؤمنين: بالإضافة. وكذلك: مع المؤمنين، وهذا ثواب المتقين. هذه كلها جمع، أو صفة للجمع.
عرفنا أنه يرفع بالواو، وينصب ويجر بالياء، فالحرف الذي قبل النون هو الذي يتغير، والنون يقال فيها: إنها بدل من الإعراب، النون عِوَضٌ عن الحركة والتنوين في الاسم المفرد. فإذا قلت مثلا: رأيت المؤمنين، أو كلمت المتقين، تقول: المتقين منصوب على أنه مفعول به، وعلامة نصبه الياء المكسورُ ما قبلها، المفتوح ما بعدها؛ لأنه جمع أو صفة لجمع المذكر السالم. هكذا يعرب، والنون عوض عن الحركة والتنوين في الاسم المفرد، كما قالوا في المثنى.