تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
شرح كتاب الآجرومية
97374 مشاهدة
فائدة علم النحو

...............................................................................


نعرف أن المفعولات هذه بمعنى أنها منصوبة، إذا تتبعها عرف طالب العلم عندما يقرأ أو يكتب أو ينطق يستلزم أو يستحضر حكمها، أن حكمها النصب. على أي شيء نصبت؟ . أما إذا لم يكن عند بدء القراءة مستحضرا لموقع تلك الكلمات فإنه يقع في اللحن ويقع في الخطأ. فلذلك يقولون: إن من فائدة علم النحو هو السلامة من اللحن ومن الأخطاء اللغوية في كلام الله تعالى، وكلام نبيه صلى الله عليه وسلم وكلام أهل العلم. وفيه أيضا فائدة وهي فهم المعاني؛ فإن الكثير من المعاني لا تفهم إلا إذا عرف وضعها، وعرف موضعها من الإعراب، وعرف كيفية النطق بها. وكذلك أيضا من فوائد معرفتها - يعني الإعراب كله - أن يعرف كيف الإملاء وكتابة الكلمات حتى لا يقع في خطأ إملائي أو نحوه.
وبكل حال.. معرفة هذا النوع الذي هو علم النحو تتوقف عليها أشياء كثيرة: فهم كلام الله وكلام رسوله وكلام أهل العلم، والسلامة من اللحن ومن الغلط، والسلامة من الخطأ في الكتابة وما أشبهها . كثير من الناس يكونون قد قرءوا هذه الأبواب كلها؛ ومع ذلك يشاهد عليهم أخطاء، ويوجد معهم لحن في القرآن وفي الأحاديث وفي قراءة الكتب. وإذا سألتهم أو ناقشتهم وجدت أنهم يعرفون الأبواب، ولكن ينقصهم التمرن على النطق بهذه الكلمات.
فإذن يتأكد فيمن عرف مثلا هذه الأبواب كلها؛ منصوبات الأسماء ومرفوعات الأسماء والأفعال وما أشبهها؛ يتأكد في حقه أن يقرأ، ثم يتفقد الكلمات التي يقرؤها كيف ينطق بها. أو يقرؤها على طلبة العلم الذين لهم معرفة بكيفية النطق، ثم يستمع إلى إجاباتهم إلى جوابهم أو إلى تقويمهم له، أو يكلفهم ويقول: أريد أن ترشدوني إلى الأخطاء والأغلاط التي أقع فيها؛ حتى أنتبه لها في المرة الثانية أو ما بعدها. فإذا أرشدوه وقالوا: أخطأت في هذه الكلمة محلها الرفع وأنت نصبت أو خفضت، انتبه لها بعد ذلك أو لما يشبهها.
لا شك في أفضلية هذا العلم الذي هو معرفة النحو وما يترتب عليه. ولذلك كانوا يحثون على البداءة به قبل القراءة في الكتب المطولة أو المختصرة؛ ليكون الإنسان على بصيرة ومعرفة بما يقرؤه أو بما يمر عليه. وكذلك ينهون أيضا عن التوغل فيه؛ لأن هناك من توسعوا في علم النحو وأفنوا فيه أعمارهم وجعلوه أكبر ما يبحثون فيه وصار هو شغلهم.
ذكروا أن كل إنسان يكون مهتما بما تخصص فيه في جميع مجالاته وكلماته ونحوها، ويظهر ذلك في علومه الأخرى. فقالوا مثلا: إن من النحاة المشهورين أبا حيان الذي كان في عهد شيخ الإسلام ابن تيمية له كتاب البحر المحيط في التفسير، شحنه بالإعراب وبالخلاف في الكلمات، كلما أتى على كلمة ذكر وجوه إعرابها، وما قيل فيها من الخلافات، وما أشبهها، فأصبح التفسير كأنه نحو؛ البحر، ومثله مختصر له يسمى: النهر، فيدل على أن الذين اشتغلوا به، وأكثروا منه فاتهم خير كثير.
فلذلك يقولون: النحو في الكلام كالملح في الطعام، أي تعلمه يقتصر منه على ما يقيم اللسان، دون التوسع فيه، فإن الملح إذا أُكْثِرَ منه أفسد الطعام، وإذا قُلِّلَ منه فسد الطعام، بل يكون بمقدار. فكذلك النحو: من لم يقرأ منه شيئا فاته علم المعاني، وكيفية النطق بالكلمات، ومن توغل فيه فاته علم كثير من علوم الشريعة، وخير الأمور أوساطها.