إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.
شرح كتاب الآجرومية
92675 مشاهدة
صور الكلام في اللغة

هذا هو السبب في تعريف الكلام.
فأولا: عرَّفوا الكلام، يقولون: الكلام في اللغة: ما حصل به الإفهام.
والكلام في الاصطلاح: ما جمع القيود الأربعة، وهي: اللفظ والتركيب والإفادة والوضع العربي، هذا تعريف الكلام.
الكلام في اللغة: ما حصل به الإفهام، معروف أن فهم السامع يكون وسيلة إلى تطبيقه والعمل بما أُمِرَ به، فإذا كلمتَه ولم يفهم ما حصل المقصود، إذا أمرته ولم يفهم ما فعل المأمور، إذا نهيته ولم يفهم ما ترك المنهي، فكل شيء يحصل به فهم المخاطب يسمى كلاما.
ويدخل في ذلك: ما ليس بنطق، أدخلوا في ذلك أربعة أشياء: الكتابة، والإشارة، والْعقد والنصب، وأدخل بعضهم لسان الحال، وجعلوها كلها من الكلام.
معلوم أن الكتابة ليس فيها حركة لسان؛ إنما فيها حركة القلم؛ ومع ذلك يحصل بها الإفهام، إذا كتبت ورقة أعطيتها إنسانا قارئا فهم مرادك، فالكتابة يحصل بها الإفهام فهي تسمى كلاما عند العرب.
وكذلك الإشارة، إذا سألك إنسان عن رجل، فأشرت بإصبعك، فهذه الإشارة تكفي عن قولك: هو هذا، أو هو ذاك، ما تكلمت إلا أنْ حرَّكْتَ الإصبع! فهذه الإشارة حصل بها الإفهام.
وكذلك لو سألك أحد، فقال: كم تحفظ من الأجزاء؟ فَعَقَدْتَ أربعة أصابع إشارةً إلى أنك تحفظ أربعة، أو عقدت في خيط أربع عقد، فهم أنك تحفظ أربعة أجزاء، هذه الْعُقَدُ قامت مقام الكلام، حصل بها الإفهام، فهي كلام.
أو نُصُبٌ: إذا كان بين إنسانين أرض قد قسموها، وقسموا فيها نُصُبًا نصبوها، تحجز أرض هذا من هذا، فهذه النصب يحصل بها الإفهام، وتمييز هذه عن هذه، مع أن النصب ما تكلمت؛ ولكنها أفهمت.
وكذلك لسان الحال: يستدل به على المقصود وإن لم يتكلم، فأنا مثلا: إذا رأيت هذا الإنسان جاء من مكان بعيد، ووقف في الصف الأول للصلاة، واستمع الدرس، ولم يتكلم معي بكلمة، قلت: لسان حاله يعبر عن مقصده: أنه جاء للأجر، وجاء للثواب، وجاء للاستفادة، وجاء لطلب العلم، وقطع في ذلك مسافة، إذن فحاله تعبر عن مقاله وإن لم يتكلم، هذا يُقال له لسان الحال، هذا تعريفه من حيث اللغة.