إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. logo اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
shape
شرح كتاب الآجرومية
133757 مشاهدة print word pdf
line-top
باب الإعراب

بسم الله الرحمن الرحيم.
قال المؤلف -رحمنا الله تعالى وإياه- باب الإعراب.
الإعراب هو تغيير أواخر الكلم لاختلاف العوامل الداخلة عليها لفظًا أو تقديرًا.
وأقسامه أربعة: رفع ونصب وخفض وجزم فللأسماء من ذلك الرفع والنصب والخفض ولا جزم فيها وللأفعال من ذلك الرفع والنصب والجزم ولا خفض فيها.


الإعراب بكسر الهمزة؛ ليخرج الأعراب بفتح الهمزة وهم البوادي الذين يسكنون البراري فالإعراب: هو إحكام الكلام وإتقانه والإفصاح به نسبة إلى الذين ينطقون بهذا الكلام وهم العرب؛ فيقال: أعرب كلامك يعني أفصحه واجعله كلاما عربيا ويظهر أن كلمة العرب مشتقة من الإعراب الذي هو الكلام الفصيح، وأن لغة العرب هي أفصح اللغات وأوسعها وأفسحها وأكثرها مجالا وهي التي ضبطت واعتني بكلماتها واعتني بحركاتها، وتكلم العلماء قديما وحديثا في ضبط كلمات العرب، وسموا هذه اللغة العربية وسموا الإفصاح بها، واستعمال الحركات سموه إعرابا.
واصطلح النحاة على أن الإعراب هو تغيير أواخر الكلم لاختلاف العوامل الداخلة عليها لفظا أو تقديرا، ومعنى تغيير أواخر الكلم أن يتغير آخر الكلمة، بعد أن كان موقوفا فيحرك بالرفع أو بالنصب أو بالخفض أو بالجزم بعد الوقف سواء كانت الكلمة من الأفعال أو من الأسماء؛ الإعراب تغيير أواخر الكلم لاختلاف العوامل الداخلة عليها لفظا أو تقديرا، الكلم الذي يتغير آخره هو الأفعال أو الأسماء.
فآخر الكلمة مثلا من المسجد هو الدال تتغير فتقول: هذا المسجد دخلت المسجد جلست في المسجد؛ تغيرت الدال التي هي آخر الكلمة بسبب العوامل التي دخلت عليها؛ دخل عليها حرف الجر فكسرت في قولك جلست في المسجد، دخل عليها عامل النصب وهو الفعل فانتصبت الدال دخلت المسجد، دخل عليها عامل الرفع وهو الابتداء أو خبره المسجد فسيح هذا المسجد فرفعت، فهذه العوامل هي التي صيرت آخر الكلم متغيرا.
إذا سكت الإنسان على آخر الكلمة سمي وقفا. إذا قلت مثلا هذا المسجد وسكت أي سكت ولم تحركه سمي وقفا فالوقف عليه هو كونه يسكن يسمى وقفا، ثم يتغير بآخره بسبب هذه العوامل. ومثله بقية الأسماء التي تتحرك أواخرها مثل الأسماء الأعلام فإذا قلت مثلا: هذا خالد رأيت خالدا مررت بـ خالد الدال هي التي تغيرت بسبب العوامل، فارتفعت في قولك هذا خالد، وانتصبت في قولك رأيت خالدا وجرت في قولك مررت بـ خالد؛ فتغير آخر الكلمة بسبب العوامل؛ عامل بالجر هو الباء بـ خالد، عامل الرفع هو خبر الابتداء هذا خالد، عامل النصب هو الفعل الذي وقع عليه في قولك رأيت خالدا، إذا وقفت عليه قتل هذا الوقوف عليه وقلت هذا خالد وسكنته ويسمى هذا وقفا.
وكذلك أسماء الأعلام مثل زيد وعمرو وسعد وسعيد هذه أسماء أعلام. وكذلك الأسماء التي لا تنصرف أي لا تنون، لكن تبدل فيها بعض الحركة؛ حيث لا يدخلها الجر فتقول أو تقرأ يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وتقول: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً فترفعه إذا كان منادى وتنصبه إذا كان اسما لإن: إن إبراهيم، بدون تنوين ولا يجر لعدم انصرافه ومثله بقية الأسماء التي لا تنصرف، مثل قوله: وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كل هذه لم تنون لأنها لا تنصرف كما سيأتينا في علامات الإعراب.
ثم التغيير في الأفعال لا يصحبه تنوين ولكنه يكون جزما أو نصبا أو رفعا فتقول في الفعل المضارع الذي يدخله الإعراب، تقول: هذا يقرأ ويكتب وهذا لم يقرأْ ولم يكتبْ وأنت لن تقرأَ ولن تكتبَ، فالهمزة والباء هي آخر الكلمة يقرأ يكتب الهمزة في يقرأ والباء في يكتب تغيرت؛ تارة رفعت هذا يقرأ ويكتب وتارة نصبت لن تقرأ ولن تكتب وتارة جزمت لم تقرأ ولم تكتب، فهذا معنى التغير تغير آخر الكلمة بسبب هذه العوامل التي دخلت عليها. هذا التغيير يسمى تغييرا لفظيا.
وهناك تغيير تقديري وهو إذا كانت الكلمة آخرها حرف علة فإنها لا تتغير ظاهرا بل يكون تغيرها مقدرا، وهو معنى قول المؤلف قول الماتن تغيير أواخر الكلم لاختلاف العوامل الداخلة عليها لفظا أو تقديرا فاللفظ عرفنا أمثلته.
وأما التقدير فهو الذي يقال تقديره كذا وكذا تغير مقدر إذا كان آخر الكلمة حرف علة مثل موسى وعيسى آخره حرف علة فلا تظهر عليه الحركات، فلا تقول هذا موس أو موس بل آخر الكلمة باق على حالة واحدة ولو تغيرت العوامل، فإذا قلت مثلا: جاء موسى أو يعلى فإنه لا يتغير لكن إذا كانا اثنين أحدهما فاعل والآخر مفعول فإن الفاعل أولى بالتقديم كما يقول الناظم:
وإن تقل كلم موسى يعلى
فقـدم الفاعل فهـو أولى

لأنك إذا قلت كلم موسى يعلى من هو الذي يكلم ومن هو المكلم قدم الفاعل حتى يعرف أنه هو المكلم والمكلم أخره كلم موسى يعلى أحدهما فاعل والآخر مفعول أحدهما مرفوع تقديرا والثاني منصوب تقديرا، فتقول: كلم موسى؛ موسى فاعل وعلامة رفعه ضمة مقدرة ليست ظاهرة ضمة مقدرة على الألف المقصورة منع من ظهورها التعذر، ويعلى وقع عليه الفعل مفعول به منصوب وعلامة نصبه فتحة مقدرة على الألف المقصورة منع من ظهروها التعذر؛ لأنه اسم معتل الآخر بالألف فهذا في المعتل؛ المعتل تارة يكون معتلا بالألف وتارة معتلا بالواو وتارة معتلا بالياء، وأكثر ذلك في الأفعال.
الأفعال فيها أيضا حروف العلة فحرف العلة الألف مثل يسعى ويخشى فإذا كان منصوبا فإن الفتحة مقدرة فتقول: لن يسعى وكي يخشى منصوب بفتحة مقدرة على الألف المقصورة منع من ظهورها التعذر فتحة مقدرة، وكذلك في يسعى ويخشى إذا كان معتلا بالياء، فإنه أيضا تقدر عليه حركة الضم وحركة السكون، فتقول مثلا تقول: زيد يقضي ويعطي ويصلي ويزكي هذا معتل بالياء ما تقول يقضي يصلي ما ترتفع ما تظهر عليه الضمة معتل بالياء، وإذا جزم حذفت الياء ولم تكتب معه بعض الكتاب يغلطون ويكتبون، يكتبون مثلا هذا الحرف الذي هو يجزم الذي يسقط بالجزم تشاهدون في بعض الطرق مكتوب: لا تنسى ذكر الله مكتوب بالياء وهذا خطأ لأن لا حرف نهي تجزم الفعل الصواب: لا تنس ذكر الله بدون ياء بدون مد سين فقط الذين يكتبوها لا تنسى ذكر الله هذا أيضا هذا خطأ بالياء.
ونشاهد أيضا في بعض الطرق مكتوب صلي على النبي بالياء وهذا خطأ؛ لأنه أمر والأمر يحذف فيه حرف العلة فيكتب صل إذا قيل لك: صل الصلاة اكتبها بدون ياء صل بدون ياء لا تقل صلي صلي الظهر هذا أمر للمرأة صلي أمر للمرأة، وأما الرجل فيقال صل بدون ياء فكذلك إذا قيل صل على النبي بدون ياء وإذا كان مضارعا حذفت الياء فيقال لم يصلي تكتب لم يصل لم يزكي تكتب لم يزك تحذف حرف العلة، فتقول: لم يصل مجذوم وعلامة جزمه حذف حرف العلة والكسرة قبلها دليل عليها لم يصل ولم يزكي ولم يعط ولم يوف كلها تختفي فيها الياء، وإذا كان منصوبا فإنها تظهر عليه الفتحة لخفتها على الياء فتقول: لن أعطي ولن تعطي ولن تسدي تظهر الفتحة على الياء من أسدى يسدي أعطى يعطي زكى يزكي فإذا قلت مثلا: يعجبني أن تصلي صلاة الضحى فتفتحها أن تصلي أو أحب أن تزكي في هذا الوقت، فتنصب أن تنصب الفعل تظهر عليه الحركة أما المعتل بالواو من الأفعال مثل يغزو يدعو فهذا معتل بالواو، والواو أيضا لا تظهر عليها الضمة فلا تقل فلان يغزو أو يدعو ربه بل الضمة مقدرة إذا قلت فلان يدعو ربه تقول مرفوع علامة رفعه ضمة مقدرة ضمة مقدرة على الواو لأنه فعل مضارع معتل الآخر بالواو مقدرة.
وإذا كان مجزوما حذفت الواو فتقول لم يغزُ لم يدعُ، تكتب لم يدعُ بدون واو وإنما تضم العين لم يدعُ والذين يكتبونها لم يدعو بالواو يجعلوها مسندة إلى جمع مع أنها مسندة إلى مفرد، إذا قيل مثلا فلان لم يدع أباه وفلان لم يدع ربه وفلان لم يغز هذا العام تحذف الواو بسبب حرف الجزم، ويقال في إعرابها: مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف حرف العلة وهي الواو والضمة قبلها دليل عليها.
وأما إذا كان منصوبا فإنه يفتح الواو لخفة الحركة عليها حركة الفتح يعجبني أن تغزو أحب أن تدعو فلانا، أما ترغب أن تدعو الله تدعو الله فالفتحة عليها خفيفة فهذا معنى قوله: تغيير أواخر الكلم لاختلاف العوامل الداخلة عليه لفظا أو تقديرا فاللفظ هو ظهور الحركات مثل: زيدٌ زيدًا زيدٍ مثل: يقومُ يقومَ يقمْ هذا لفظ، والتقدير مثل: موسى موسى موسى، ومثل: يدعو ويخشى ويرجو ويسعى ويقضي معتلة وهذه الحركات عليها تقديرية.

line-bottom