الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. logo    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
shape
شرح كتاب الآجرومية
134041 مشاهدة print word pdf
line-top
الأول: المفعول به

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
باب المفعول به وهو: الاسم المنصوب الذي يقع به الفعل، نحو قولك: ضربت زيدًا، وركبت الفرس. وهو قسمان: ظاهر ومضمر. فالظاهر ما تقدم ذكره، والمضمر قسمان: متصل ومنفصل. فالمتصل اثنا عشر، نحو قولك: ضربني وضربنا وضربك وضربكِ وضربكما وضربكم وضربكن وضربه وضربها وضربهما وضربهم وضربهن.
والمنفصل اثنا عشر نحو قولك: إياي وإيانا وإياكَ وإياكِ وإياكما وإياكم وإياكن وإياه وإياها وإياهما وإياهم وإياهن.


هذا أشهر المنصوبات وأظهرها وأكثرها مرورا، وهو المفعول به، وهو: الاسم الذي يقع عليه الفعل، وذلك لأن الفعل يتبعه اسمان: يتبعه الفاعل، ثم يقع بعد الفاعل المفعول به، الذي يقع عليه، فيعم ما إذا كان الفعل ماضيا ومضارعا. تقول مثلا: ضربت زيدا وأخبرت بكرا، هذا فعل ماض، وتقول أُخْبِرُ زيدا، وأُعْلِمُ بكرا، هذا أيضا مفعول به، سواء كان الفعل ماضيا، أو مضارعا.
ثم الفعل الذي ينصب المفعول يسمى فعلا متعديا؛ لأن الأفعال إما أن تكون لازمة، أو تكون متعدية، فاللازم هو: الذي يقف على الفاعل، والمتعدي هو الذي يتعدى الفاعل إلى المفعول به. فمثل: جلس، هذا فعل لازم، وقام، فعل لازم، ما يتعدى الفاعل، تقول: قام زيد، ويتم الكلام، وجلس زيد، ويتم الكلام. بخلاف ما إذا قلت مثلا: ضَرَبَ زيد، ما يتم الكلام عادة حتى تذكر المضروب، فتقول: ضرب زيد عمرا، وكذلك مثلا إذا قلت مثلًا قَتَلَ بكرٌ، ما يتم الكلام حتى تقول: عمرا، قتل بكرٌ عمرا.
وكذلك إذا قلت مثلا: عَلَّمَ سعدٌ، كلمة علم سعد ما يتم بها الكلام، حتى تذكر المفعول به، وهو الذي تعلم. وكذلك إذا قلت مثلا: أخبر محمدٌ عمرَ، فلا بد أن يكون بعد الفاعل مفعول، وهو الذي حصل منه التعلم، أو الإخبار، أو ما أشبه ذلك.
فيذكرون هذا الباب في تعدي الفعل ولزومه، أي يقولون: الأفعال تنقسم إلى قسمين: متعد ولازم، المتعدي ينصب مفعوله، يتعدى الفاعل، وقد يكون أصل الفعل لازما، ثم يدخل عليه حرف ليكون متعديا، فإنك إذا قلت مثلا: أَخَبَرَ زيدٌ، فإنه لا بد أن يكون هناك مفعول: أخبر زيد بكرا، وتقول مثلا: عَلِمَ زيدٌ، يعني حصل على علم، ثم تدخل عليها ألفا، فتقول: أعلم زيد بكرا، يعني: أخبره. فهذا يسمى المفعول به.
فإذا كان الاسم صحيح الآخر ظهرت عليه علامة النصب، مثلا: أخبرت بكرا، ورأيت عمرا، وعلَّمت سعدا، هذا مفعول به، وإذا كان معتلا فإن الإعراب يكون مقدرا، فإذا قلت مثلا: رأيت يعلى، وعلمت موسى، فـ يعلى، وموسى، وعيسى، ومصطفى، ونحوها لا تظهر عليه علامة الإعراب. فتقول: موسى وقع عليه الفعل، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على الألف المقصورة منع من ظهورها التعذر، يعني: لتعذر الحركة على آخره؛ لكونه معتل الآخر بالألف.
وكذلك إذا كان الفاعل والمفعول به موجودين، عُرِفَ الفاعل بأنه المرفوع، والأصل أنه يقدم، هذا هو الأصل، مثل قوله تعالى: وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ المنادِي: هم أصحاب الجنة، والمنادَى: هم أصحاب النار، فهاهنا قُدِّمَ الفاعل، ثم قال في الآية الأخرى: وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أصحاب الأولى- أصحاب النار- هم الذين نادوا، وأصحاب الجنة هم المدعوون، هم الذين ناداهم أصحاب النار، أي دعا هؤلاء هؤلاء.
ومع ذلك فإنه قد يجوز تأخير الفاعل وتقديم المفعول إذا ظهر ذلك واضحا. فإذا قلت مثلا: خرق الثوبَ المسمارُ، معلوم أن المسمار هو الذي خرق، ومع ذلك قدمت المفعول به خرق الثوبَ المسمارُ، أو تقول: كسر الزجاجَ الحجرُ، الزجاجَ قدمته، مع أنه مفعول به، ولكن الكلام واضح: كسر الزجاجَ الحجرُ، الحجر هو الذي كَسَرَ، والزجاج هو الذي كُسِرَ، فيجوز تقديمه إذا كان الكلام ظاهرا.
وأما إذا كان هناك لبس فلا بد من تقديم الفاعل، مَثَّلَ له الْحَرِيرِيُّ في قوله:
وإن تقـل كَلَّـمَ مـوسى يعلـى
فَقَــدِّمِ الفاعــلَ فهـو أولـى
كلم موسى يعلى، كلاهما لم يظهر عليه الإعراب، فلا يظهر ما هو الفاعل والمفعول؟ فالأصل أنك تقدم الفاعل، فيكون موسى هو المكلِّم، ويعلى هو المكلَّم. وكذلك لو قلت مثلا: لقي موسى عيسى، هاهنا أيضا قد يلتبس الفاعل بالمفعول؛ لأن كليهما لا يُدْرَى ما إعرابه، لم يظهر عليه الإعراب، فتقول: لقي موسى عيسى، موسى هو اللاقي، هو الفاعل، وعيسى هو الملقي فيكون هو الذي وقع عليه الفعل.
أما إذا كان الكلام ظاهرا فإنه قد يجوز تقديم المفعول به، فإذا قلت مثلا: عَلَّمَ محمدًا جبريلُ فـ جبريل هو الذي علم. أو مثلا: كلم موسى رَبُّهُ، موسى هو الذي مُكَلَّم، تقديره: كلم موسى اللَّهُ، الله هو الذي كَلَّم. فهذا يقال له المفعول الظاهر. ويقع كثيرًا الخطأ فيه، حيث إنه قد يكون بينه وبين الفعل فاصل، ومع ذلك لا ينتبه له إلا إذا عرف أن الفعل يطلب مفعوله.
فمثلا: إذا فصل بينه وبين المفعول فاصل، فإنه يبقى أيضا على طلب إعرابه، يقولون مثلا: جاء القاضيَ رجلٌ يشتكي، فالقاضي هاهنا مقدم، أو: جاء رجلٌ يشتكي القاضيَ، أو جاء إلى القاضي، فهذا هو الأصل فيه. أما بالنسبة إلى تأنيث الفعل وتذكيره، فقد تقدم في باب الفاعل. أما المفعول المضمر، فإنه كما سمعنا: متصل ومنفصل، فالمتصل إذا قلت مثلا: علمني أو أخبرني سعد، علمني: مشتمل على فعل، وعلى فاعل مؤخر، وعلى مفعول مقدم- وهو الضمير- وعلى نون تسمى نون الوقاية.ثم تستمر هذه النون في هذا الفعل كله، فتقول: علمني، وعلمنا، وعلمكم، علمه، علمكن، علمكما اثنان للمتكلم: علمني، وعلمنا، وخمسة للمخاطب: علمك وعلمكما وعلمكم يعني المخاطب: إما أن يكون مفردا: علمكَ؛ مفرد مذكر، أو علمكِ، مؤنث، أو علمكما: مثنى، علمكم علمكنَّ، وخمسة للغائب: علمه وعلمها، هذا مفرد، وعلمهما وعلمهم وعلمهن، فيقال في إعرابه: إن الضمير مفعول به، وضمير متصل، وأما المنفصل الذي هو إياك إذا قلت: ما علمت إلا إياك، ما علم إلا إيانا، أو إلا إياي، فيقال: هذا ضمير منفصل، منفصل؛ يعني ليس متصلا بالفعل، ومع ذلك فإن محله النصب على المفعولية.

line-bottom