اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة
شرح كتاب الآجرومية
111883 مشاهدة
أنواع المنادى

...............................................................................


فذكر أن المنادى خمسة أنواع: الاسم العلم، والنكرة المقصودة، والنكرة غير المقصودة، والمضاف، والمشبه بالمضاف.
فأما الاسم العلم والنكرة المقصودة فيبنيان على الضم من غير تنوين؛ نحو: يا زيدُ ويا رجلُ. والثلاثة الباقية منصوبة لا غير. يعني أن هذا هو إعراب هذه الأقسام وهذه الأنواع من المنادى.
ذكرنا أن الله تعالى نادى بعض عباده بحرف يا ؛ كما سمعنا. فقوله: يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إبراهيم ؛ اسم علم؛ يعني اسم مخصص به علم معين معروف؛ فلذلك صار مضموما من غير تنوين؛ حتى ولو كان منصرفا. وقد يكون أيضا مع حرف يا يسمى منادى ولو حذفت منه يا؛ مثل قوله تعالى: يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا التقدير يا يوسف ؛ فحذف حرف النداء، وبقي المنادى على ما كان عليه مبنيا على الضم.
ولا ينون حتى ولو كان منصرفا. مثال المنصرف قوله تعالى: يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ يعني نادى الله تعالى نوحا فقال: يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ أنت ومن معك، نوح منصرف؛ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ كما في قوله تعالى: إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا وفي قوله تعالى: إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ فهو منصرف يعني منون، وتدخل عليه الحركات، ويجر يعني يدخله حرف الجر. في قوله تعالى: وَقَوْمَ نُوحٍ ؛ يعني مجرور؛ وفي هذه الآية أنه ما نون يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ فهذا اسم علم منون، ومع ذلك ما نون لما نودي. حذف منه التنوين وبقي مضموما مبنيا على الضم. هذا إذا كان تاما فإنه يبقى على الضم من غير تنوين؛ فتقول: يا زيدُ يا سعدُ؛ مثل قول بعضهم: يا سعدُ سعدَ اليعملات.
وما أشبه ذلك، فالحاصل أنه مبني على الضم ولا ينون، هذا الاسم العلم.