الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك
شرح كتاب بهجة قلوب الأبرار لابن السعدي
84495 مشاهدة
النصيحة لله

...............................................................................


حق النصيحة أن تقبل ، من نصحك فإن عليك أن تقبل نصيحته، لماذا؟ لأنه ما يود لك إلا الخير، ما يدلك إلا على الشيء الذي فيه مصلحتك وفيه منفعتك، وحق النصيحة أن تستمع.
في هذا الحديث أنه -صلى الله عليه وسلم- أخبر بأن النصيحة لله ولكتابه ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم.
النصيحة لله، كيف تكون؟ ألستم تحبون الله تعالى؟! نعم، نحن نحب ربنا. فكيف ننصح لله تعالى وهو الذي خلق وقدر، وهو الذي دبر ويسر؟! فالنصيحة له علينا هي أن نعبده حق عبادته. هذا من النصيحة, النصيحة لله إخلاص العبادة له، والإقبال عليه على العبادة بكلية العبد بقلبه وبقالبه، وحضور القلب بين يديه، النصيحة لله التواضع له والتذلل بين يديه.
النصيحة لله سبحانه ذكره بجميع أنوع الذكر تسبيحه وتحميده وتكبيره وتهليله وتعظيمه وإجلاله وإكباره, من النصيحة لله تعالى سبحانه الاعتراف بكل ما وصف به نفسه، الاعتراف بأنه موصوف بصفات الكمال، وأنه منزه عن صفات النقائص، أنه سبحانه له الأسماء الحسنى والصفات العلى.
من النصيحة لله تعالى محبته، وإذا أحب الله تعالى فإنه يتقرب إليه بأنواع القربات ويعبده بجميع أنوع العبادات، وغير ذلك مما يدخل في حقوق الله التي هي كثيرة حقوق الله تعالى على العبيد، فالذي يؤديها ويواظب عليها يصدق عليه أنه ناصح أمين، أنه من عباد الله الناصحين لله سبحانه وتعالى.