الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.
شرح كتاب بهجة قلوب الأبرار لابن السعدي
81981 مشاهدة
إثم من دعا إلى ضلالة

...............................................................................


ثم ذكر أيضا أن من دعا إلى ضلالة فتبعه الناس كان عليه إثمها، وإثم من عمل بها لا ينقص من آثامهم شيئا؛ أي وزره, وزر ذلك الذي وقع في تلك المعصية، وعلى الداعي مثل ذلك الوزر.
إن دعا إلى كفر فكفر بسبب دعوته أناس تهودوا أو تنصروا وأشركوا، فإن هذا الذي أضلهم عليه مثل عقوبتهم ولو كثرت العقوبة, وكذلك أيضا إذا دعا إلى بدعة فابتدعوا بدعا اعتقادية أو بدعا عملية؛ تقدح في التوحيد وتقدح في الدين، ويعتقد بسببها نقص ذلك الدين دين الإسلام، لا شك أن هؤلاء الذين يدعون إلى هذه البدع عليهم إثم كبير، إذا ضل بسببهم خلق تبعوهم على تلك الدعوة، واعتقدوا تلك البدع وعملوا بها، فعليهم إثم كبير، وعلى الدعاة مثل تلك الآثام لا ينقص ذلك من آثام العاملين شيئا.
وما ذاك إلا أن عليهم أن ينظروا في الحق، وأن يتمعنوا وألا يجيبوا كل داعية، كان عليهم أن ينظروا إلى هذا الداعي الذي دعاهم إلى الكفر أودعاهم إلى المعصية أو دعاهم إلى البدعة، ينظروا في دعوته ويتأملوا ويعرضوها على أفكارهم، ويعرضوها على أهل العلم وعلى أهل الخير، ويقولون: إن فلانا يدعونا إلى كذا فهل هذه الدعوة مصيبة أو خاطئة، فإذا علموا أنها خاطئة تركوها، أما إذا تسرعوا واستجابوا لدعوته وعملوا بها، وأجابوه إلى ما دعا فإنهم يعاقبون ولو أنهم جهلة؛ حيث أنهم لم يتبصروا ولم يتثبتوا، ولم يسألوا ويتعرفوا على الخير قبل أن يقعوا في الشر.