إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
شرح كتاب بهجة قلوب الأبرار لابن السعدي
74368 مشاهدة
معنى قوله: وفي كلٍّ خير

...............................................................................


ثم يقول -صلى الله عليه وسلم- وفي كل خير أي في كل من المؤمن الضعيف، والمؤمن القوي في كل منهم خير؛ وذلك لأن فيهم الإيمان إذا كان الإيمان في قلوبهم فإن الإيمان فيه خير, خير الضعيف لنفسه؛ حيث أنه يعبد الله، ويتقيه ويصلي ويصوم، ويتورع عن المحرمات ويصل الرحم، وينفق على نفسه وينفق على ولده، ويحج ويتصدق إذا قدر، ويصلي ويركع ويسجد، ويذكر الله في كل حالاته، ففيه منفعة وقد تكون هذه الأفعال سببا في اهتداء خلق كثير، وتكون أيضًا سببا في اقتدائهم به، إذا رأوه يتعبد اقتدوا به، وعلموا أنه على خير فيتعبدون كما يتعبد، ففي كل من المؤمن القوى والمؤمن الضعيف فيهم خير، وهو الإيمان والعمل الصالح.