لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
شرح كتاب بهجة قلوب الأبرار لابن السعدي
74287 مشاهدة
معنى القوة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال رحمه الله تعالى: الحديث الثاني عشر: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير, احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كذا لكان كذا وكذا ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان . رواه مسلم .


هذا حديث يتعلق بالقضاء والقدر، ويتعلق بالأفعال وبالأمر والنهي وبالعبادات، وما أشبهها. القوة في هذا الحديث هي القوة الحسية هذا هو الظاهر, والضعف هو الضعف الحسي، ولكن يدخل قد في ذلك القوة المعنوية، والضعف المعنوي.
فالمؤمن القوي: يعم ما إذا كان بدنه قويا وجسمه قويا؛ فإنه أقوى في النكاية بالأعداء، إذا كان في القتال كان أجرأ من الضعيف؛ بحيث أنه يجدل الأبطال ويقتل الرجال، ويهزم الأعداء ويدرك الهاربين ونحوهم، فتكون قوته البدنية سببا في انتصار المسلمين.
بخلاف ما إذا كان ضعيف البنية ضعيف الجسم، فإنه لا يستطيع أن يدرك هاربا ولا أن يرفع شيئا ثقيلا، ولا أن يقوى على إدراك، أو قتال الأعداء؛ لضعف بدنه ولضعف تركيبه. ومع ذلك فإن هذا من الله, الله تعالى هو الذي خلق الخلق، فجعل هذا قويا وهذا ضعيفا، هذا هزيلا وهذا سمينا، وإن كان لذلك أسباب يعني قوة التغذية، وكذلك من الأسباب أيضا المرونة التمرن على الحمل وعلى السير، وعلى تنمية الأعضاء وتقويتها، يكون لها سبب بإذن الله في قوة البدن؛ بخلاف الذي يرضى بالخمول ودائما، وهو جالس لا يمرن بدنه، ولا يحمل ولا يمشي فإن بنيته تكون ضعيفة، وجسمه يكون ضعيفا. فهذا على أحد الأقوال أن المراد القوة الحسية؛ قوة الجسم ومناعته وضعف الإنسان وضعف بدنه، فالمؤمن القوي هو الذي يقدر على حمل الأشياء الثقيلة، وعلى المشي المتواصل، وما أشبه ذلك مما لا يقدر عليه المؤمن الضعيف.
والقول الثاني: أن القوة هاهنا قوة معنوية وأن المراد قوة القلب، وهو أن يكون المؤمن قويا قلبه؛ بحيث أنه يكون جريئا على إنكار المنكرات، وعلى الإفصاح بالحق وعلى إيضاح الدلالة، وعلى إنكار المنكر والأمر بالمعروف, قويا على حرمات الله؛ بحيث أنه لا يخاف في الله لومة لائم.