شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.
شرح كتاب بهجة قلوب الأبرار لابن السعدي
71631 مشاهدة
النصيحة للرسول

...............................................................................


أما النصيحة للرسول -صلى الله عليه وسلم- فيدخل فيها أيضا النصيحة للرسل كلهم، ولكن نبي هذه الأمة على الأمة له حقوق؛ سواء كانت مختصة بحياته أو بعد موته، أن له عليهم حقوق أداؤها يكون من صدق النصيحة؛ فمن ذلك الإيمان برسالته كما قال تعالى: فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا الإيمان به يعني التصديق بأنه مرسل من ربه.
ومن ذلك محبته قال -صلى الله عليه وسلم- أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما أي تقدم محبته على محبة النفس والمال والأهل. ومن ذلك طاعته كما في قوله تعالى: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ومن ذلك اتباع شريعته, اتباعه لما بلغه يقول تعالى: وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ أي اتبعوا سنته.
ومن ذلك تقبل ما جاء عنه قال تعالى: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وكذلك التأسي به قال تعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ أي قدوة أي اجعلوه قدوتكم، ثم قد يكون هناك حقوق له تختص به في حياته.
ولكن قد يدخل فيه تعظيم سنته مثل قول الله تعالى: لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ هذا ليس خاصا بحياته، بل إذا جاء أمر الله وأمر رسوله فلا يجوز لأحد أن يقدم بينهما، أن يتقدم قبل أمر الله وأمر رسوله كذلك قول الله تعالى: لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ قد يقال: إن هذا خاص بحياته، ولكن روي أن عمر -رضي الله عنه- رأى رجلين يرفعان أصواتهما في المسجد فقال: لا ترفعا أصواتكما في مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم.
وكذلك كان بعض الصحابة وبعض السلف، يقول: إن رفع الأصوات والتشويش على من يقرأ الأحاديث والسنة النبوية يدخل في الذين يرفعون أصواتهم فوق صوت النبي، فيكونون بذلك قد عصوا وخالفوا ما أمر الله به، كذلك قول الله تعالى: لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا أمرهم بأن لا يقولوا يا محمد بل يقولوا يا رسول الله، لا يدعوه باسمه، ولو كان اسمه الذي هو العلم والذي سمي به، ولكن تميز بهذه الصفة، فلا تجلعوا دعاءه كدعائكم أي كدعائكم بأسمائكم، ادعوه بما تميز به.
فالحاصل أن النصيحة للنبي -صلى الله عليه وسلم- يدخل فيها تعظيم سنته، وكذلك أيضا احترامه في حياته واحترام سنته وأقواله بعد مماته.