لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
شرح كتاب بهجة قلوب الأبرار لابن السعدي
81992 مشاهدة
عمر بن الخطاب رضي الله عنه ينزل الناس منازلهم

...............................................................................


هذا حاصل حتى في العهد القديم في عهد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وهو خليفة ينزل الناس منازلهم؛ فمثلا عبد الله بن عباس كان يدخله في المشاورات في مشاورات الأمور التي يستشير فيها غيره، إذا نزل به أمر أو أشكل عليه أمر مشكل دعا أكابر الصحابة وشيوخهم، ودعا معهم ابن عباس مع أنه صغير؛ عمره خمسة عشر أو سبعة عشر فكأنهم أنكروا عليه، وقالوا: كيف تدخل معنا هذا الفتى، إن لنا أولادا مثله فيقول -رضي الله عنه- إنه من حيث علمتم يعني أنه، ابن عم النبي -صلى الله عليه وسلم- وأن له هذه المكانة في حفظه وفطنته وفهمه ومعرفته وإدراكه؛ فذلك ما حمله على أن ينزله منزلة أكابر الصحابة ومشايخهم وكبرائهم كعثمان وعلي وطلحة وسعد بن عبادة
ونحوهم من أكابر الصحابة؛ يجعلهم جلساءه ويجعلهم مؤانسيه ونحوه.
وكذلك أيضا كان يحترم القراء الذين حملوا القرآن وقرءوه وحفظوه؛ كهولا كانوا أو شبانا منهم الحر بن قيس يقول الحر بن قيس إنه جاءه عمه الذي هو عيينة بن حصن فقال: يا ابن أخي إن لك وجه عند هذا الأمير فاستأذن لي عليه.
وكان جلساء الأمير الذي هو عمر -رضي الله عنه- هم القراء كهولا كانوا أو شبانا؛ يعني كبارا أو صغارا كان يجالسهم؛ وذلك لأنه عرف مكانتهم وفضلهم عرف أنهم حملة كتاب الله، وحق لمن قرأ كتاب الله وحفظه، أن تكون له منزلة رفيعة حتى ولو كان صغيرا، ولو كان شابا ولو كان كهلا، فإنه يقدم على المسنين وعلى الشيوخ الكبار هذه منزلة حملة كتاب الله.
وكذلك أيضا حملة السنة وحملة العلم، وكذلك أيضا أهل الصلاح وأهل الدين وأهل العبادة وأهل الاستقامة لهم أيضا منزلتهم؛ ولهم مكانتهم، ولهم الاحترام ولهم التوقير؛ وذلك لأن لهم فضل عند الله تعالى، فكذلك يحترمهم المسلمون، ويعرفون لهم أيضا فضلهم، ولو كانوا من الفقراء، ولو كانوا من الأذلاء، ولو لم يكن لهم ولاية، ولو لم يكن لهم وظيفة، ولو لم يكن لهم أموال ولا تجارات ولا غيرها.
إذا كانوا صالحين مصلحين يقرءون القرآن، ويحفظونه، ويقرءون الكتب العلمية، ويحفظون منها ما يتيسر، ويعبدون الله تعالى ويطيعونه، ويتفرغون لعبادته، ويعلمون مما علمهم الله تعالى، فإن لهم على غيرهم المكانة والاحترام.
هذا مفاد قوله -عليه السلام- أنزلوا الناس منازلهم .