اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة
شرح كتاب بهجة قلوب الأبرار لابن السعدي
82069 مشاهدة
ثبوت القدر وحقيقته

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال رحمه الله تعالى:
الحديث التاسع: عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كل شيء بقدر حتى العجز والكيس رواه مسلم.


بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- كل شيء بقدر حتى العجز والكيس القضاء والقدر متقاربان، والمعنى أن كل شيء يحدث في هذا الكون، فإنه بقدر الله تعالى؛ حيث قدر وجوده وقدر وقته وزمانه الذي يحصل ويشاؤه، وأراده وكونه وخلقه بأمره وبقضائه وبقدره، يدخل في ذلك العجز والكيس.
العجز: التثاقل عن فعل الشيء، والكيس: هو الحزم والقوة والنشاط في فعل شيء من الأشياء، ولا شك أنها وإن كانت مقدرة فإن ربنا سبحانه وتعالى أعطى الإنسان، ومكنه وجعل له قوة وقدرة يزاول بها الأشياء؛ ولذلك يمدح الكيس ويذم العاجز في الحديث المشهور: الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله فالكيس هو الحازم القوي النشيط في أموره, والعاجز المتكاسل المتثاقل المتواني المتباطئ عن فعل الشيء؛ أيا كان ذلك الشيء في أمر دينه، أو في أمر دنياه.
أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن الله تعالى هو الذي قدر مقادير الخلائق في حديث: أن الله كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق الخلق بخمسين ألف سنة أو قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وأنه خلق القلم وقال له: اكتب قال: ما أكتب قال: اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة، فجرى في تلك الساعة بما هو كائن بأمر الله من الأقوال والأفعال والأعمال والموجودات والمخلوقات.
كلها كتبها الله تعالى في اللوح المحفوظ، كما شاء وهو أم الكتاب الذي قال الله فيه: يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ يعني اللوح المحفوظ؛ الذي هو فيه كل شيء من المخلوقات المستقبلة التي توجد، والتي قد مضت وأنها كلها بخلق الله تعالى وإيجاده وتقديره.
كل شيء بقضاء وقدر ؛ القدر: قدرة الله على كل شيء, وأهل السنة على أن كل ما يحدث فإنه بقدرة الله؛ لأن الله تعالى على كل شيء قدير، ولأن من أثبت أشياء تحدث بغير قدرة الله فإنه يتنقص الله، ويجعل قدرة المخلوقين أقوى من قدرة الخالق تعالى، ولا شك أن في هذا إدخال للنقص والعيب والعجز على الله تعالى، فلذلك الأصل أن قدرة الله تعالى عامة لكل الموجودات.