اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . logo (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
shape
شرح كتاب بهجة قلوب الأبرار لابن السعدي
97696 مشاهدة print word pdf
line-top
من ثمرات قوة المؤمن

...............................................................................


المؤمن القوي إذا كان قلبه قويا تجرأ على أن يقول للمسيء: إنك خاطئ، ويقول للعاصي إنك عصيت ولا يبالي، ولو كان ذلك العاصي أميرا أو وزيرا أو كبيرا أو ثريا يفصح له ويتجرأ عليه، ويقول له أخطأت، ولو كان ذلك المؤمن من أطراف الخلق، لو لم يكن له معرفة، لو لم يكن عنده علم، ولكن علم بأن هذا القول خطأ، فقال لصاحبه: قد أخطأت يا هذا, علم بأن هذه معصية فقال لصاحبها وتجرأ ولم يخف، وقال: لقد عصيت هذه معصية، أنت من العصاة، أنت من الخارجين عن الطاعة، لا يبالي ولا يخاف من الناس، وإنما يخاف من الله، ويعمل بقول الله تعالى: فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ وقوله تعالى: فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي لا يخشى إلا الله يعمل بقول الله تعالى: الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله .
فهذا حقا هو المؤمن القوي الذي يجرأ على إنكار المنكرات وعلى إظهار الخير وعلى إظهار الأمر بالمعروف ويتجرأ على أن يقول الحق ولو على نفسه ويقول الحق ولو كان مرا ورد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بعض أصحابه يقول أبو ذر أمرني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن أقول الحق وإن كان مرا وأمرني أن لا أخاف في الله لومة لائم أي أن المؤمن لا يخاف في الله لومة لائم, يفصح بالحق ويظهره ويدل عليه، ويقول هذا هو الحق ولو خالفه من خالفه ويقول للمسيء قد أسأت، ويقول للمحسن قد أحسنت، ويفضل أهل الخير ويرفع من مكانتهم، إذا كان قادرا ولو كان دونهم في المنزلة، ولو كانوا أدون الناس، ويحقر أهل الشر ويقلل من شأنهم ويحتقرهم، ولا يرفع بهم رأسا، ولو كانوا رؤساء، ولو كانوا فصحاء، ولو كانوا ما كانوا هذا حقا هو المؤمن القوي. ويعم ذلك أيضا كل قوة يدخل فيها أيضا قوة البدن، والقوة في الكسب الذي يقدر على أن يكتسب المال ثم ينفقه في وجوهه، وكذلك أيضا يكون جريئا عند الناس على إنكار حرمات الله تعالى، أو ما أشبه ذلك هذا هو المؤمن القوي.

line-bottom