جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. logo الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة
shape
شرح كتاب بهجة قلوب الأبرار لابن السعدي
97686 مشاهدة print word pdf
line-top
استحضار تقوى الله عز وجل

...............................................................................


فيقول -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث يقول فيه: اتقِ الله حيثما كنت أي في كل حالاتك في كل أحوالك، وفي كل مجتمعاتك استحضر تقوى الله تعالى فاتَّقِ الله في حال رضاك، واتقِ الله في حال غضبك، واتق الله في غناك وفي فقرك، واتق الله في سرك وفي جهرك، واتق الله في وحدانيتك وفي اجتماعك وفي افتراقك وفي أنسك وفي جميع حالاتك، واتقِ الله قائما، واتقِ الله جالسا، واتقِ الله مضطجعا، واتق الله راكبا، واتق الله ماشيا في جميع حالاتك استحضر تقوى الله تعالى.
وكيف تستحضر ذلك؟ تستحضر عظمة الله وتستحضر كبرياءه وجلاله، وتستحضر عقوبته وشدة غضبه، وتستحضر انتقامه من الذين ينتقم منهم ويعاقبهم ويعذبهم العذاب الشديد، تستحضر أنه سبحانه وتعالى شديد العقاب، ولا شك أن من استحضر ذلك فإنه يتقي الله أي: يتقي غضب الله وعقوبته.
وأما عطف بعض الأعمال على التقوى مثل قوله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى فإنهما متقاربان البر والتقوى، ومع ذلك يذكر بعض العلماء أن البر إذا اجتمع مع التقوى، البر هو فعل الطاعات، والتقوى ترك المحرمات.
ولا شك أن هذا واقع أن الإنسان؛ إذا أراد أن يكون من الأبرار فإنه يعمل الصالحات والطاعات ليلحق بالأبرار، وإذا أراد أن يكون من المتقين فإنه يتوقى المحرمات يتوقاها ويحذرها ويبتعد عنها، يتوقى سخط الله تعالى الذي يحصل بسببه المحرمات وفعل أو أكل الحرام وفعل الفواحش، وما أشبه ذلك فإنه يقي نفسه ذلك.
النفس بلا شك تندفع إلى المحرمات تندفع إلى فعل الفواحش وما أشبهها فتندفع بطبعها إلى فعل الفواحش كفعل الزنا أو مقدماته، وتندفع إلى سماع الغناء والطرب، وتندفع إلى أكل الحرام إلى أكل المال الحرام إلى الغصب وإلى أكل الرشا، وما أشبه ذلك من الأموال المحرمة وما أشبه ذلك.
فإذا استولى الإنسان على نفسه وقهرها كان ذلك علامة التقوى عرف بذلك أنه من المتقين حقا أنه من أهل التقوى؛ أي وقى نفسه وجعل بينها وبين الشرور وقاية وحاجزا قويا حاجزا منيعا هو مخافة العذاب كأنه يقول: إن ربنا سبحانه وتعالى إذا غضب فإنه ينتقم من عباده الذين عصوه والذين خالفوا أمره، وإذا أطاعوه فإنه يثيبهم كما ورد في حديث أن الله تعالى يقول: إذا أطعت رضيت، وإذا رضيت باركت وليس لبركتي نهاية، وإذا عصيت غضبت، وإذا غضبت لعنت، ولعنتي تبلغ السابع من الولد.

line-bottom