لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
شرح كتاب بهجة قلوب الأبرار لابن السعدي
74020 مشاهدة
استحضار تقوى الله عز وجل

...............................................................................


فيقول -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث يقول فيه: اتقِ الله حيثما كنت أي في كل حالاتك في كل أحوالك، وفي كل مجتمعاتك استحضر تقوى الله تعالى فاتَّقِ الله في حال رضاك، واتقِ الله في حال غضبك، واتق الله في غناك وفي فقرك، واتق الله في سرك وفي جهرك، واتق الله في وحدانيتك وفي اجتماعك وفي افتراقك وفي أنسك وفي جميع حالاتك، واتقِ الله قائما، واتقِ الله جالسا، واتقِ الله مضطجعا، واتق الله راكبا، واتق الله ماشيا في جميع حالاتك استحضر تقوى الله تعالى.
وكيف تستحضر ذلك؟ تستحضر عظمة الله وتستحضر كبرياءه وجلاله، وتستحضر عقوبته وشدة غضبه، وتستحضر انتقامه من الذين ينتقم منهم ويعاقبهم ويعذبهم العذاب الشديد، تستحضر أنه سبحانه وتعالى شديد العقاب، ولا شك أن من استحضر ذلك فإنه يتقي الله أي: يتقي غضب الله وعقوبته.
وأما عطف بعض الأعمال على التقوى مثل قوله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى فإنهما متقاربان البر والتقوى، ومع ذلك يذكر بعض العلماء أن البر إذا اجتمع مع التقوى، البر هو فعل الطاعات، والتقوى ترك المحرمات.
ولا شك أن هذا واقع أن الإنسان؛ إذا أراد أن يكون من الأبرار فإنه يعمل الصالحات والطاعات ليلحق بالأبرار، وإذا أراد أن يكون من المتقين فإنه يتوقى المحرمات يتوقاها ويحذرها ويبتعد عنها، يتوقى سخط الله تعالى الذي يحصل بسببه المحرمات وفعل أو أكل الحرام وفعل الفواحش، وما أشبه ذلك فإنه يقي نفسه ذلك.
النفس بلا شك تندفع إلى المحرمات تندفع إلى فعل الفواحش وما أشبهها فتندفع بطبعها إلى فعل الفواحش كفعل الزنا أو مقدماته، وتندفع إلى سماع الغناء والطرب، وتندفع إلى أكل الحرام إلى أكل المال الحرام إلى الغصب وإلى أكل الرشا، وما أشبه ذلك من الأموال المحرمة وما أشبه ذلك.
فإذا استولى الإنسان على نفسه وقهرها كان ذلك علامة التقوى عرف بذلك أنه من المتقين حقا أنه من أهل التقوى؛ أي وقى نفسه وجعل بينها وبين الشرور وقاية وحاجزا قويا حاجزا منيعا هو مخافة العذاب كأنه يقول: إن ربنا سبحانه وتعالى إذا غضب فإنه ينتقم من عباده الذين عصوه والذين خالفوا أمره، وإذا أطاعوه فإنه يثيبهم كما ورد في حديث أن الله تعالى يقول: إذا أطعت رضيت، وإذا رضيت باركت وليس لبركتي نهاية، وإذا عصيت غضبت، وإذا غضبت لعنت، ولعنتي تبلغ السابع من الولد.