جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
شرح كتاب بهجة قلوب الأبرار لابن السعدي
74304 مشاهدة
الصفة الثانية الكذب

...............................................................................


وأما الكذب فإنه الإخبار عن الأشياء بخلاف ما هي عليه, فإن الإنسان عليه أن يخبر عن الأمر بالحقيقة الواقعية، ولا يغير ذلك فإذا غيره اعتبر كاذبا؛ الحقائق هي الوقائع.
الكذب لا شك أنه حرام، قد وصف الله تعالى به المنافقين في قوله تعالى: وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ وفي قوله: وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ وأخبر بأنهم يستحقون اللعن فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ والواجب أن يتحرى الإنسان الصدق يقول في الحديث يقول -صلى الله عليه وسلم- إن الرجل ليكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا يقول: عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وأخبر بأن الصدق طمأنينة والكذب ريبة.
وأخبر بأن الصدق سبب للبركات، سبب لكثرة الخيرات والبركات في قوله: فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وإن كذبا وكتما محيت بركة بيعهما وذلك في المبايعة يحدث الكثير من الكذب في المبايعة، فإذا أتيت إليه تساومه سلعة ذكر أنه اشتراها بمائة وهو كاذب، أو أنه باع مثلها بمائة وهو كاذب، فيكون ذلك من صفات المنافقين الكذب.
وهكذا إذا خدع أخاه وأخبره بأن هذا الأمر فيه مصلحة ومنفعة، وأن تركه فيه مضرة وهو كاذب، أراد بذلك أن يضر إخوته؛ لا شك أن هذا أيضا من المحرم، الواجب عليه أن ينصح لإخوته يقول -صلى الله عليه وسلم- المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يكذبه ولا يحقره أي لا يحدثه بكذب؛ لوجود الأخوة بينه وبينه هذه خصلة الكذب.