إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف logo قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.
shape
شرح كتاب بهجة قلوب الأبرار لابن السعدي
103162 مشاهدة print word pdf
line-top
الصفة الثانية الكذب

...............................................................................


وأما الكذب فإنه الإخبار عن الأشياء بخلاف ما هي عليه, فإن الإنسان عليه أن يخبر عن الأمر بالحقيقة الواقعية، ولا يغير ذلك فإذا غيره اعتبر كاذبا؛ الحقائق هي الوقائع.
الكذب لا شك أنه حرام، قد وصف الله تعالى به المنافقين في قوله تعالى: وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ وفي قوله: وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ وأخبر بأنهم يستحقون اللعن فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ والواجب أن يتحرى الإنسان الصدق يقول في الحديث يقول -صلى الله عليه وسلم- إن الرجل ليكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا يقول: عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وأخبر بأن الصدق طمأنينة والكذب ريبة.
وأخبر بأن الصدق سبب للبركات، سبب لكثرة الخيرات والبركات في قوله: فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وإن كذبا وكتما محيت بركة بيعهما وذلك في المبايعة يحدث الكثير من الكذب في المبايعة، فإذا أتيت إليه تساومه سلعة ذكر أنه اشتراها بمائة وهو كاذب، أو أنه باع مثلها بمائة وهو كاذب، فيكون ذلك من صفات المنافقين الكذب.
وهكذا إذا خدع أخاه وأخبره بأن هذا الأمر فيه مصلحة ومنفعة، وأن تركه فيه مضرة وهو كاذب، أراد بذلك أن يضر إخوته؛ لا شك أن هذا أيضا من المحرم، الواجب عليه أن ينصح لإخوته يقول -صلى الله عليه وسلم- المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يكذبه ولا يحقره أي لا يحدثه بكذب؛ لوجود الأخوة بينه وبينه هذه خصلة الكذب.

line-bottom