لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
شرح كتاب بهجة قلوب الأبرار لابن السعدي
82026 مشاهدة
المسلم يشعر بأخيه المسلم ويتألم لآلامه

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال المؤلف -رحمه الله تعالى- في الحديث الثالث عشر: عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا، وشبك بين أصابعه متفق عليه .


بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه. قال -صلى الله عليه وسلم- المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا، وشبك بين أصابعه ؛ أي أدخل بعضها في بعض؛ بمعنى أن الأصابع يمسك بعضها بعضا، إذا أدخل البعض في البعض فيما بينها، فكذلك المؤمن للمؤمن يشد المؤمن أخاه كما أن البنيان يشد بعضه بعضا، أي اللبنات تتماسك بالطين الذي يجعل بينها أيا كانت تلك اللبنات، اللبنات من الطين، أو من البلوك ونحوه، فجعل الله تعالى بين المؤمنين مودة ورحمة وتعاطفا، فهذه المحبة تقتضي أن بعضهم يحب بعضا، وأن كلا منهم يحب الآخر، وأنهم يتساعدون ويتعاونون ويتماسكون، كما أن البنيان يمسك بعضه بعضا.
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث آخر: مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى هكذا مثلهم بالجسد الواحد، وفي بعض الروايات: كمثل الجسد الواحد أو كالإنسان إذا اشتكى عينه اشتكى كله وإذا اشتكى رأسه اشتكى كله فهكذا أيضا يحس بآلام إخوته؛ إذا عرف أن هناك أخ له قد تألم وتضرر؛ فإنه يحس بألمه، وكما أنه يسعى في تخفيف الألم عن أخيه، فكذلك أيضا يسعى في تخفيف الألم عن نفسه؛ يعني كما يسعى في تخفيف الألم عن ابنه وأبيه وأقاربه؛ فكذلك المسلمون جميعا.