تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. logo شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
shape
شرح كتاب بهجة قلوب الأبرار لابن السعدي
103170 مشاهدة print word pdf
line-top
ماذا يفعل من وسوس له الشيطان بقوله من خلق الله

...............................................................................


فإذا وسوس الشيطان إلى لإنسان أن هذا الوجود، إذا قلنا: إن الله هو الذي أوجده، فهل هناك أحد قبل الله حتى يوجده؟ فنتوقف عن هذا، فإن العقول تستحسر وتقصر عن أن تتصور ما قبل هذا الوجود، وتقف حائرة فيؤمن الإنسان ويقول: آمنت بالله ويعرف أن هذا من الشيطان، وأن هذه وساوس شيطانية يوسوس بها الشيطان حتى يشكك الإنسان في ربه وفي موجده، وحتى يوقعه في حيرة من أمره.
فإذا قال: آمنت بالله ثبت إيمانه، آمن بالله تعالى إلهًا وربا وخالقا ومدبرا، آمن بأن الله تعالى هو خالق الخلق، وأن كل ما في الوجود فإنهم خلقه وأنهم عبيده، وآمن أيضا بأنه سبحانه هو الذي يخلق ما يشاء يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه ولا أحد يعترض عليه، يفعل ما يشاء يهدي من يشاء ويضل من يشاء، ولا يقدر الخلق أن يخرجوا عن قدرته ولا عن سلطته وسيطرته عليهم، فهم كلهم تحت سلطانه وتحت ولايته؛ يعز من يشاء ويذل من يشاء، ويعطي من يشاء ويمنع من يشاء، كما أخبر بذلك في صفاته وفي كتبه المنزلة على عباده.
والحاصل أن عقيدة المسلمين أن الله تعالى لم يسبق بعدم، وأنه سبحانه لم يزل خالقا يخلق ما يشاء، ولم يكن في وقت من الأوقات معطلا عن الخلق، وأنه يتسمى بهذه الأسماء التي ظهر أثر موجبها في خلقه قبل أن يوجدهم؛ فهو الرازق أو الرزاق قبل أن يوجد الخلق الذين يحتاجون إلى أن يرزقهم، ومن أسمائه أنه الخالق وأنه خالق كل شيء، ويستحق هذا الاسم قبل أن يوجد جنس هؤلاء المخلوقين الذين نشاهدهم.
وأن الشيطان يوسوس لكثير من الناس وأنه يوحي إليهم أن يتباحثوا، ويتساءلون من خلق كذا ومن خلق كذا، فإذا وصلوا إلى التدخل في خلق الله ومن سبقه فإن عليهم أن يعرفوا أن هذا من الشيطان.

line-bottom