لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
شرح كتاب بهجة قلوب الأبرار لابن السعدي
74008 مشاهدة
صور من الدعوة إلى الضلالة

...............................................................................


فالذي يدعو بفعله؛ مثلا إذا كان يظهر شرب الدخان فيقتدي به أولاده، ويقتدي به إخوته، ويقتدي به الجهلة من أقاربه، وهو ما دعاهم، ولكن أظهر ذلك حتى شربوا مثله, عليه مثل آثامهم.
وهكذا أيضا إذا رأوه يشرب الخمر فوقعوا فيها عن جهل، ولكن ظنوا أنه لا بأس بها، وأنها مباحة لما رأوا هذا الرئيس، أو هذا الكبير يشربها, عليه مثل آثامهم.
وهكذا الذين مثلا يدعون إلى السفور بأقوالهم أو بأفعالهم, النساء مثلا اللاتي يتبرجن ويخرجن زينتهن ويمشين في الأسواق؛ فتراهن هذه الجاهلة ويراهن بعض النساء والفتيات الجهلة يظن بعضهن أن هذا لا بأس به، وتقول: رأيت فلانة المدرسة رأيت فلانة الأستاذة ورأيت فلانة الكبيرة وهي تمشي كاشفة، فلماذا لا أكشف؟ ولماذا لا أتبرج؟ فتكون هذه الداعية بفعلها آثمة عليها إثمها، وعليها إثم من ضل بسببها، وهذا من حيث الفعل.
كذلك أيضا من حيث القول؛ الذين يدعون علنا في إذاعاتهم أو في كتبهم أو في نشراتهم أو في مجالسهم، لا شك أيضا أنهم يضلون خلقا كثيرا، وإذا أضلوهم فإن عليهم مثل آثام أولئك الذين ضلوا بسببهم والعياذ بالله، الذين يدعون إلى تبرج النساء مثلا يدعون إلى إشاعة الغناء والتلذذ به، يدعون أيضا إلى ترك صلاة الجماعة، وأنه لا حرج في تركها، أو ربما ترك الصلاة كليا، فيقولون: لا أهمية لهذه الصلاة أو ما أشبه ذلك، فضلا عن الذين يدعون إلى إباحة الزنا، ويقولون: لماذا تمنع المرأة، لماذا تمنعونها أن تبذل نفسها باختيارها لمن يفجر بها؟ هؤلاء دعاة إلى العهر، وإلى الفساد وما أكثرهم.
كذلك الذين يدعون إلى الانحلال الكلي من الدين إلى التخلي منه، فيقولون: إما أن يقولوا: إن الإيمان في القلب فلا تآخذونا بأعمالنا، ولا تنكروا علينا، لا تنكروا علينا الأعمال التي نعملها، نحن أحرار نعمل ما نشاء ونترك ما نشاء فلا تنكروا علينا, هؤلاء بلا شك يظهر عليهم أنهم منافقون، وأنهم يقولون هذا الكلام مجرد نفاق، لا أنه عن عقيدة، لا شك أن من قال ذلك فإنه يضل بسببه خلق كثير فيكون عليه إثم كفره، وإثم كل من تبعه على ذلك الكفر، وعلى ذلك النفاق وعلى تلك المعاصي، وعلى تلك البدع لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا.
فهذا يدلنا على فضل الدعوة إلى الله، والدعوة إلى الإسلام، وكذلك على إثم الدعوة إلى الكفر، والدعوة إلى البدع والدعوة إلى المعاصي والمحرمات. نعرف أن المسلمين والحمد لله عندهم دعاة يدعون إلى الله تعالى، منهم من هم مفرغون للدعوة إلى الله تعالى في داخل المملكة وفي خارجها, فيوجد في داخل المملكة من هم كفار بوذيون ونصارى وهندوس وسيخ، ونحوهم من الأديان الباطلة، ثم يوفق الله تعالى أهل الدعوة مكاتب الدعوة، وغيرهم إلى أن يهتدي بواسطتهم خلق كثير واحد أو اثنان أو أكثر، فيكون لهم أجر كبير قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم يعني على وجه التقريب والتمثيل.