اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. logo إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
shape
شرح كتاب بهجة قلوب الأبرار لابن السعدي
103214 مشاهدة print word pdf
line-top
النصيحة لعامة المسلمين

...............................................................................


أما النصيحة لعامة المسلمين، فهي التي يجب أن نعمل بها في كل حالاتنا, وهي التي يقع الكثيرون في الخلل بها وعدم التثبت فيها وعدم العمل بها، فنقول: النصيحة لعامة المسلمين إما أن تكون في أمورهم الدنيوية، وإما أن تكون في أمورهم الدينية.
والنصيحة في أمور الدين دعوتهم إلى الله، وترغيبهم للخير وحثهم على العبادات، وحثهم وترغيبهم في الصلوات وفي عمل الحسنات والصدقات والأعمال الخيرية، دعوتهم إلى أن يرغبوا في ذكر الله، وفي تعلم العلم الذي شرعه الله، وكذلك أيضا ترغيبهم في الإكثار من ذكر الله تعالى بأسمائه وبصفاته, ترغيبهم في عمل الخير المتعدي والنافع, أمرهم بالمعروف نهيهم عن المنكر، تذكيرهم بما يلزمهم, تعلميهم ما ينفعهم، والسعي في إصلاح أحوالهم النشاط في دلالتهم على الخير؛ لا شك أن هذا كله من النصيحة لهم، وما أشبهه كثير.
كذلك أيضا من النصيحة لهم تحذيرهم عن المعاصي، من جاءك يحذرك عن معصية فاعلم أنه ناصح؛ فاقبل نصيحته, عليك أن تنصح إخوانك سواء تقبلوا أم لم يتقبلوا، فإن ذلك من حقهم عليك، فإذا رأيت أخاك يعمل معصية كان من نصيحته أن تحذره من هذه المعصية، إذا رأيته يتأخر عن الصلوات، إذا رأيته يترك صلاة الجماعة، إذا رأيته يبخل بالواجبات المالية يبخل بالزكاة أو بالصدقات مما أعطاه الله تعالى، إذا رأيته لا يحترم عباداته يعبث مثلا في صلاته أو يلهو فيها أو لا يقبل عليها إقبالا كاملا؛ لا شك أن حقا عليك أن تنصحه.
وهكذا بقية المعاصي تنصحه وتحذره عن شرب الدخان، وعن حلق اللحى، وعن إسبال اللباس، وعن الكبر والإعجاب بالنفس، وعن احتقار المسلمين، وكذلك أيضًا عن شرب المسكرات وعن تعاطي المخدرات، وعن عمل الفواحش، وتنصحه عن الكلمات السيئة عن البذاءة، وعن السخرية والاستهزاء بإخوانه المسلمين، تنصحه عن السباب والشتم واللعن والقذف والغيبة والنميمة وما أشبه ذلك، من نصحك من كلمك في هذا؛ فاعلم أنه ناصح.
وحق النصيحة أن تستمع، وحق الناصح أن يُشجع فإذا نصحك في عمله هذا فقل: تقبل الله منك جزيت خيرا على هذا الإرشاد، جزيت خيرا على هذه النصيحة، فقد دللتني على شيء كنت في غفلة عنه، أو كان هناك من يزين لي هذه الأمور فكنت أظن أو أعتقد أنه لا بأس بها أو ما أشبه ذلك، فتشجعه وتقبل منه إرشاداته حتى يستمر في هذا النصح، وفي هذا التوجيه.
كذلك من النصيحة لهم ما يتعلق بالأمور الدنيوية، وهي أيضا مما يتساهل فيه كثير من الناس، فالذي يأخذ المصلحة الدنيوية لنفسه لا شك أنه غشاش؛ ولذلك يقول من هديه: من غش فليس مني فإذا كان يغش في السلع ويخفي ما بها من العيوب فليس بناصح، وإذا كان يخدع غيره ويأتي على غرة وغفلة فليس بناصح، وكذلك إذا كان يوقع إخوانه الذين يتعاملون معه في المعاملات والتجارة في شيء من الغرر فليس بناصح، أمثلة الغرر التي وردت في الأحاديث؛ كأن يخفي عليه شيئا، أو يعامله معاملة سيئة أو ما أشبه ذلك.
لا شك أن النصيحة تقتضي أن تعمل معه ما تعمله مع ابنك أو مع نفسك، فتعطيه ما تحب أن تعطي بقية إخوانك، يقول -صلى الله عليه وسلم- لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه والكلام على أمثلة هذه النصيحة واسع ومعروف في فطر المسلمين.

line-bottom