إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. logo إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
shape
شرح كتاب بهجة قلوب الأبرار لابن السعدي
103133 مشاهدة print word pdf
line-top
تفسير السلف للتقوى

...............................................................................


وقد فسرها بعض السلف, فسروا التقوى: أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله على نور من الله تخشى عقاب الله.
والصحيح أنها مشتقة من التوقي, التقوى يعني التوقي؛ وهو أن يجعل بينه وبين الشيء المحذور أو المخوف حاجزا ووقاية؛ تمنعه أن يصل إليه ضرر ذلك الشيء المخوف, ولذلك تطلق تقوى الله وتقوى عذابه، قال الله تعالى: فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ اتقوا النار، فدل على أنها تتوقى أي توقوا النار.
اتقوا النار يعني توقوا النار, وإذا قيل اتقوا الله، كثيرا ما يقول الله: وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ اتقوا الله؛ يعني توقوا عذابه وتوقوا غضبه وتوقوا سخطه؛ وذلك بفعل الطاعات وترك المحرمات.
المتوقي هو الذي يتوقى الشرور ويحذرها؛ ولذلك يقول بعض الشعراء:
خـل الذنــوب صغـيرهـا
وكبــيرهـا ذاك التقـــى
وكـن كمـاشٍ فـوق أرض
الشـوك يحـذر مـا يـرى
لا تحــقـرن صـغــيرة
إن الجبـال مـن الحصــى
أنت إذا كنت حافيا والأرض التي تمشي فيها فيها شوك وفيها حصى وفيها حجارة محدبة، إذا أردت أن تمشي لا شك أنك ترفع رجلك ثم تنظر أين تضعها فيه لا تضعها إلا بعدما تتأكد أنك وضعتها بمكان ليس فيه ضرر، ليس فيه شوك ولا غيره, ترفع رجلك الثانية وتنظر ولا تمشي وأنت رافع بصرك:
وكـن كـماش فـوق أرض
الشـوك يحـذر مـا يـرى
فهذا حقيقة التقوى اتقوا النار يعني توقوها؛ ولذلك قال النبي -صلى الله عليه وسلم- اتقوا النار ولو بشق تمرة أي اجعلوها وقاية فمن لم يجد فبكلمة طيبة يعني تكون هذه وقاية وحاجزا تحميك وتحفظك من عذاب النار، هذا حقيقة التقوى اتقوا النار. وأما قوله تعالى: وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ فالمراد اتقوا عذاب الله واحذروا أن تقعوا فيما يسخطه فيعذبكم، فإن الذي يتقي هو الذي يتوقى أسباب سخط الله تعالى. فالتقوى كلمة جامعة؛ ولأجل ذلك يوصى بها دائما، يقول الله تعالى: وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى يعني التي هي صفة المتقين هي خير زاد للآخرة.
وأهل التقوى هم أهل الثواب الذين يؤهلهم الله تعالى للجزاء في الآخرة، هم أهل الجزاء الأخروي؛ ولذلك يذكر الله تعالى ثوابهم كثيرا ويذكر ثواب هذه التقوى.
من ذلك قول الله تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ هذا ثواب التقوى أن من اتقى الله تعالى فإنه يجعل له مخرجا يجعل له فرجا ويجعل له مخرجا، إذا نزلت به الأزمات وحلت به الكربات وأحدقت به المصائب والمخوفات فاتقى الله تعالى تقوى حقيقة فإن الله يجعل له فرجا ومخرجا.
ورد في حديث قدسي أن الله تعالى يقول: وعزتي وجلالي لا يعتصم عبد من عبيدي بي أعرف ذلك من نيته فتكيده السماوات والأرض إلا جعلت له من بينهن فرجا ومخرجا, ولا يعتصم عبد من عبيدي بغيري أعرف ذلك من نيته إلا قطعت أسباب السماء من يده وأسخت الأرض من تحت قدميه ولا أبالي بأي واد هلك .

line-bottom