شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة logo لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
shape
شرح كتاب بهجة قلوب الأبرار لابن السعدي
97641 مشاهدة print word pdf
line-top
الاستعانة بالله

...............................................................................


ثم الإنسان لا يستبد بنفسه ولا يعتمد على قوته، بل يستعين بالله؛ ولذلك قال الله تعالى: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ لما أمرنا بأن نعبده أمرنا أن نستعينه؛ أي نستعينك على عبادتك ونستعينك على كل ما نحتاج إليه؛ فلذلك قال في هذا الحديث احرص على ما ينفعك واستعن بالله وذلك لأن الإنسان خلق ضعيفا، يقول تعالى: وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا فلا قوة له إلا بإمداد من الله, لا قوة له إلا أن يمده الله تعالى بقوته، وأن يعطيه ما يستعينه به, لا قوة له إلا إذا أعانه الله على أمور دينه، وعلى أمور دنياه.
فأنت تقول بلسان الحال: إنني ضعيف إلا أن يعينني الله، إن الله تعالى هو الذي يوفقني، وهو الذي يساعدني، وهو الذي يمدني، وهو الذي يقويني على ما أعمله من أعمال دينية أو دنيوية، وتقول أيضا بلسان المقال:، يا رب أعني على أمور ديني حتى أتعفف، وحتى أكتسب مالا حلالا، يا رب أعني على ما أقوم به من هذه الحرف، أعني على كسب حلال، أعني على تجارة أتجر بها، وأكتسب كسبا حلالا، أعني على هذا الحرث، أعني على تربية هذه الماشية، أعني على هذه الحرفة وهذه الصنعة حتى تنتج وتكون لها ثمرة، وأستغني بها وأتعفف بها عن الحاجة إلى أحد من المخلوقين، فإذا استعان بالله تعالى فإن الله تعالى يعينه، قال تعالى: وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ وذلك أن بعض الناس يستبد برأيه، ويدعي أنه لا حاجة به إلى ربه؛ يستغني عن الله ويستغني عن إعانته، ويقول: هذا بحولي وهذا بقوتي، وما علم أنه ضعيف، وأنه لا حول له ولا قوة، وأن الحول حول الله، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا حول لأحد من حال إلى حال، ولا قوة ولا قدرة له إلا بالله تعالى، فعليه أن يستعين بالله في كل حالاته.
فالذين يستبدون بآرائهم، ويدعون أنهم أهل ذكاء وأهل فطنة، وأهل معرفة وخبرة وتجربة في الأمور، وأنهم لا يحتاجون إلى أن يعينهم الله، فيقولون: قد نجحنا في صنعتنا؛ تعاطينا هذه التجارة فنجحنا، وأثرينا وكثرت أموالنا، ونسوا أن الله تعالى هو الذي يسر لهم ذلك، ولو سلط عليهم لتلفت أموالهم، أو يقولون: نجحنا في تربية هذه المواشي حتى أثرينا، وكثرت أموالنا أو يقولون: نجحنا أيضا في غرسنا، وفي أشجارنا وفي زروعنا وأثمرت ثمرا كثيرا كأنهم مستغنون عن الله، وعن إعانة الله تعالى.
المشاهد أن مثل هؤلاء إذا لم يفتقروا إلى ربهم، ولم يظهروا الحاجة إليه أنه يسلبهم ما أعطاهم أحوج ما كانوا إليه، فإن كل ما في يد العبد فإنه ملك الله، وعطاؤه ومنه فهو الذي ييسر للعباد ما أعطاهم وما خولهم، وإذا شاء سلبهم ما أعطاهم، فكم من إنسان أمسى وهو غني فأصبح فقيرا. أصبح وهو غني ثري فأمسى وهو فقير، سلط الله عليه ما أتلف عليه تجارته وماله, إذن فلا بد أن الإنسان يستعين بالله، يطلب من ربه الإعانة، فإنه إذا وكله إلى حوله وإلى طوله وكله إلى ضعف، فلا غنى لأحد عن ربه سبحانه وتعالى طرفة عين. يقول: يا رب أصلح لي شأني كله. لا إله إلا أنت لا غنى عن إعانتك، أصلح لي شأني وأصلح لي أموري، وهيئ لي من أمري رشدا، ولا تكلني إلى نفسي ولا تكلني إلى معرفتي، ولا إلى قوتي، فإذا استعان بالله تعالى أعانه يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله .

line-bottom