لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. logo    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.
shape
شرح كتاب بهجة قلوب الأبرار لابن السعدي
98025 مشاهدة print word pdf
line-top
النصيحة للرسول

...............................................................................


أما النصيحة للرسول -صلى الله عليه وسلم- فيدخل فيها أيضا النصيحة للرسل كلهم، ولكن نبي هذه الأمة على الأمة له حقوق؛ سواء كانت مختصة بحياته أو بعد موته، أن له عليهم حقوق أداؤها يكون من صدق النصيحة؛ فمن ذلك الإيمان برسالته كما قال تعالى: فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا الإيمان به يعني التصديق بأنه مرسل من ربه.
ومن ذلك محبته قال -صلى الله عليه وسلم- أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما أي تقدم محبته على محبة النفس والمال والأهل. ومن ذلك طاعته كما في قوله تعالى: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ومن ذلك اتباع شريعته, اتباعه لما بلغه يقول تعالى: وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ أي اتبعوا سنته.
ومن ذلك تقبل ما جاء عنه قال تعالى: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وكذلك التأسي به قال تعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ أي قدوة أي اجعلوه قدوتكم، ثم قد يكون هناك حقوق له تختص به في حياته.
ولكن قد يدخل فيه تعظيم سنته مثل قول الله تعالى: لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ هذا ليس خاصا بحياته، بل إذا جاء أمر الله وأمر رسوله فلا يجوز لأحد أن يقدم بينهما، أن يتقدم قبل أمر الله وأمر رسوله كذلك قول الله تعالى: لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ قد يقال: إن هذا خاص بحياته، ولكن روي أن عمر -رضي الله عنه- رأى رجلين يرفعان أصواتهما في المسجد فقال: لا ترفعا أصواتكما في مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم.
وكذلك كان بعض الصحابة وبعض السلف، يقول: إن رفع الأصوات والتشويش على من يقرأ الأحاديث والسنة النبوية يدخل في الذين يرفعون أصواتهم فوق صوت النبي، فيكونون بذلك قد عصوا وخالفوا ما أمر الله به، كذلك قول الله تعالى: لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا أمرهم بأن لا يقولوا يا محمد بل يقولوا يا رسول الله، لا يدعوه باسمه، ولو كان اسمه الذي هو العلم والذي سمي به، ولكن تميز بهذه الصفة، فلا تجلعوا دعاءه كدعائكم أي كدعائكم بأسمائكم، ادعوه بما تميز به.
فالحاصل أن النصيحة للنبي -صلى الله عليه وسلم- يدخل فيها تعظيم سنته، وكذلك أيضا احترامه في حياته واحترام سنته وأقواله بعد مماته.

line-bottom