عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.
شرح كتاب بهجة قلوب الأبرار لابن السعدي
84493 مشاهدة
إخلاص العبادة لله وحده

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصبحه أجمعين: قال -رحمه الله تعالى- في الحديث الرابع: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: أتى أعرابي النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: دلني على عمل إذا عملته دخلت الجنة. قال: تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة المكتوبة، وتؤدي الزكاة المفروضة، وتصوم رمضان. قال: والذي نفسي بيده لا أزيد على هذا شيئا ولا أنقص منه، فلما ولى قال النبي -صلى الله عليه وسلم- من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا متفق عليه .


سمعنا هذا الحديث الذي نتج عن سؤال هذا السائل يقول: جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: دلني على عمل إذا عملته دخلت الجنة فقال: تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة المكتوبة، وتؤدي الزكاة المفروضة، وتصوم رمضان هذه هي أركان الإسلام ولما التزم بذلك بشر النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه من أهل الجنة، وقال: من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا هذا الرجل لا شك أنه مسلم، وقد دخل في الإيمان، وقد قرأ من القرآن، وعلم من الأحكام وعمل بما عمل به وبما وصل إليه، ولكن مع ذلك أراد أن يتزود علما، وأراد أن يكون ذلك العلم يفيده عملا صالحا، وأن يكون ذلك العمل يؤدي به إلى دخول الجنة، فسأل عن هذا السؤال، ومع ذلك ما بين له النبي -صلى الله عليه وسلم- شيئا جديدا، وإنما علمه أركان الإسلام الظاهرة التي كان -صلى الله عليه وسلم- يقاتل عليها بقوله: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها .
لا شك أن هذا شيء يلزم المسلمين كلهم، كل من دخل الإسلام طولب بأركانه الظاهرة فيطالب أولا بعبادة الله تعالى وحده، أن يخلص الدين لله وأن يعبده وحده ولا يشرك به شيئا، وأن يخلص في عبادته ولا يصرف من عبادته شيئا لغير ربه، ولا شك أن هذا شرط ثقيل لقوله: وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وذلك لأنه يقتضي التقرب إلى الله تعالى بجميع أنواع العبادة لما قال: تعبد الله ولا تشرك به شيئا اقتضى ذلك أن جميع أنواع العبادة تكون خالصة لله ؛ فيخاف الله وحده ويرجوه وحده ويتوكل عليه، ويعتمد بقلبه على الله سبحانه ويرضى به إلها وربا وخالقا ومدبرا، وكذلك يستعين به في أمور دينه وفي أمور دنياه، ويدعوه دائما مخلصا له الدين، ولا يدعو غيره يهتف به دائما، وينصرف قلبه إلى ربه دائما عند الملمات.
وكذلك أيضا تكون قرباته له، فله يركع وله يسجد وله يقوم وله يقعد وله يجاهد وله ينفق وله يحج وله يعتمر؛ كل أعماله التي أمر بها يحافظ عليها ويقيمها ويخلص فيها لربه؛ وبذلك يكون حقا ممن عبد الله تعالى، ولا يصد بقلبه عن غير ربه، ولا يتعلق قلبه بشيء من المخلوقات، لا يتعلق قلبه بأية مخلوق ولا يستعين بمخلوق، بما لا يقدر عليه إلا ربه سبحانه يجعل ربه ملجأه ومعاده يعتصم به ويتحصن به، ويحترز به عن كل المخاوف وعن كل الأخطار التي تحدق به.