إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. logo اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.
shape
شرح كتاب بهجة قلوب الأبرار لابن السعدي
97872 مشاهدة print word pdf
line-top
شرح حديث المسلم من سلم المسلمون

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال -رحمه الله تعالى- الحديث السادس: عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده, والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه متفق عليه .


بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث: المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه تعريف لآثار الإسلام على المسلمين, لا شك أن المسلم هو الذي يقيم شعائر الإسلام ومن جملتها وأهمها أركان الإسلام, الذي يوحد الله تعالى، ويقيم الصلاة، ويؤتي الزكاة، ويصوم الفرض، ويحج الفرض، وكذلك أيضا يعمل الأعمال الصالحة الذي يذكر الله كثيرا، ويدعوه وحده ويخافه ويرجوه، ويتوكل عليه ويتوب إليه، ويستغفره ويسبحه ويحمده ويهلله ويكبره ويعظمه ويجله, والذي يأمر بالخير ويدعو إليه، وينهى عن الشر ويحذر منه، والذي يحب الخير للمسلمين، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وينصح لوجه الله تعالى.
والذي يتعامل مع المسلمين بالمعاملة الحسنة، فيتودد إليهم وينصح ويدل على الخير، ويحذر عن الشر ويبر أهل البر، ويصل ما أمر الله به أن يوصل، وكذلك يكون من آثار إسلامه أن يحفظ لسانه عن الغيبة والنميمة، والاستهزاء والسخرية، والكلام السيئ والسباب، والشتائم والهجاء، والقذف والعيب، والثلب والقدح، وما أشبه ذلك، ويصون عينه عن النظر إلى ما حرم الله، وأذنيه عن سماع ما حرم الله سماعه من الغناء والطرب وما أشبه ذلك.
وكذلك يصون فرجه، ويصون بطنه ويحفظ يديه وجوارحه، ويؤدي ما أوجب الله عليه، ويترك ما حرم الله من المعاملات، وغير ذلك من تعاليم الإسلام، فكلها تعتبر من خصال الدين، ومن كملها اعتبر قد كمل الإسلام.
ولكن النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث ذكر أثرا من آثار الإسلام، وأثرا من آثار الهجرة أو من أثر من يسمى مهاجرا، هذا الأثر يظهر على من حقق الإسلام وصحح العمل به، فلو أنه لم يمتلئ قلبه بالإسلام وبتحقيقه ما حصل منه هذا الأثر أخبر بأن المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده سلموا من لسانه فلا يسب أحدا يعني وهم مسلمون، لا يسب المسلمين ولا يقدح فيهم، ولا يعيبهم ولا يتنقصهم، ولا يثلب ولا يغتاب، ولا يشتم ولا يقدح، ولا يرمي أحدا بعيب؛ فيصون لسانه عن الغيبة والنميمة والأذى، وما أشبه ذلك، ولا يقدح في مسلم بأية عيب، ولا يرمي بريئا، ولا يقذف بفاحشة أو نحو ذلك.

line-bottom