شرح كتاب بهجة قلوب الأبرار لابن السعدي
معنى المهاجر
...............................................................................
أما المهاجر فالمهاجر من هجر ما نهى الله عنه. معلوم أن الهجر هو بغض الشيء وتركه والبعد عنه المهاجر الذي ينتقل من بلد الكفر إلى بلد الإسلام؛ لأنه يهجر بلد الكفر ويبغضها ويبتعد عنها فيسمى مهاجرا؛ لأنه هجر الكفر وهجر أهله، ولذلك أيضا يهجر أقاربه العصاة ونحوهم لأنهم أهل معصية بل يهجر كل من عصى الله تعالى، تبغض العاصين وتمقتهم وتبتعد عنهم وتحذر من أن يجروك إلى المعصية فهذا أصل الهجران.
وأما هنا فقال: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
وكذلك إذا قيل هجر المناظر السيئة؛ يعني صان عينيه فلا ينظر إلى الصور الخليعة ولا ينظر إلى الأفلام الفاتنة الهابطة، ولا ينظر إلى النساء المتكشفات سواء بارزات أو ينظر إلى صورهن المرسومة في الصحف ونحوها.
وكذلك أيضا لا ينظر إلى المحرمات التي تعتبر فتنة، يمتثل قول الله تعالى: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
وكذلك أيضا يهجر الكلام السيئ؛ فيصون أذنيه فلا يستمع إلى غناء ولا إلى مزامير ولا إلى طرب ولا إلى طبول، وما أشبهها مما قد تمتد إليه الأطماع وتتمناه القلوب وتلتذ له الآذان، لكن يعرف أنه مما نهى الله عنه فيهجره.
وهكذا يهجر بقية المحرمات, المعاملات ونحوها, فيهجر السرقة والغش في المعاملات والمعاملات الربوية، يهجر المكاسب السيئة كالغرر وما أشبهه، والنهب والسلب والاختطاف والاغتصاب للمحرمات وما أشبهها، وكذلك بقية ما نهى الله عنه وهو كثير.
من كان كذلك صدق عليه أنه من المهاجرين؛ أي مهاجر هجرة صحيحة؛ يعني أنه هجر المحرمات بأقواله وبأفعاله، فهذا بيان من النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وسبب ذلك قوة الدين قوة الإسلام قوة العقيدة، فإنه إذا امتلأ قلبه بالإيمان، وبمعرفة ربه سبحانه وتعالى، وبمعرفة ما أمر الله به وبمعرفة الثواب والعقاب، فإن هذه المعرفة التي امتلأ بها قلبه تحمله على أن يبتعد عن المحرمات، وأن يفعل الواجبات، تحمله على أنه يصون لسانه عن الغيبة والنميمة، وأذى الجيران وأذى المسلمين، ويصون عينيه ويصون أذنيه ويديه ورجليه وفرجه وبطنه ومكسبه، ويحفظ جميع ما أمر الله تعالى بحفظه، فيكون بذلك من المهاجرين حقا، الذين لهم أجر الهجرة الذين ذكروا في قول الله تعالى: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
مسألة>