إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. logo إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
shape
شرح كتاب بهجة قلوب الأبرار لابن السعدي
115016 مشاهدة print word pdf
line-top
أدلة فرضية الدعوة إلى الله

...............................................................................


وقد دلت الأدلة على آكدية الدعوة إلى الله وإلى الخير، قال الله تعالى: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ .
الخير هو الإسلام كله وشعائره وعلومه كلها من الخير، ومن دعا إليها فإنه يعتبر داعيا إلى الخير وله الأجر المرتب في هذا الحديث وغيره.
جاءت آية أخرى تدل على الدعوة إلى سبيل الله؛ في قوله تعالى: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فهاهنا أمر الله تعالى بالدعوة إلى سبيله ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ سبيل الله: دينه وشريعته وأمره ونهيه وهو الإسلام كله وما جاء به، وأدلة ذلك من الكتاب والسنة كله داخل في سبيل الله تعالى، وفي صراطه المستقيم الذي أمر بالتمسك به، والسير على نهجه.
هذا سبيل الله رسمه النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديثه المشهور: أنه خط خطا مستقيما وخط عن يمينه وعن يساره خطوطا وقال للخط المستقيم: هذا سبيل الله يعني الذي أمر بالسير عليه وهذه السبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه فقوله تعالى: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ يعني إلى هذا الصراط السوي الذي من سار عليه نجا، ومن انحرف عنه ضل.
فالدعوة إليه إيضاحه وبيانه للناس وبيان فوائده، والحث على التمسك به، وعلى العمل بتعاليمه، وعلى الاجتهاد في تحقيق الأدلة التي تدل عليه، والحكم والمصالح التي تترتب عليه.
كذلك جاءت بلفظ الدعوة إلى الله في قوله تعالى: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا دعا إلى الله؛ أي إلى دينه وإلى شرعه وإلى عبادته وتوحيده الذي أمر به في قوله: اعْبُدُوا رَبَّكُمُ دعا الناس إلى عبادة ربهم، إذا كان كذلك فإنه من أحسن الطرق طريقه وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ أي دعا الناس إلى الله تعالى: وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ وهكذا قال تعالى: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ يعني إلى هدى الله وشريعته ودينه وأمره ونهيه، أدعو إلى عبادته، وإلى اتباع رسله، من دعا إلى ذلك فقد دعا إلى الله؛ فقوله في هذا الحديث: من دعا إلى هدى يعم من دعا إلى الله، ومن دعا إلى سبيل الله، ومن دعا إلى الخير، فكل ذلك من الهدى.

line-bottom