شرح كتاب بهجة قلوب الأبرار لابن السعدي
حقوق الأخوة
...............................................................................
لا شك أن المؤمنين ربط الله تعالى بينهم بهذه الأخوة، وبهذه الصفة التي هي صفة الإيمان وجعلهم إخوة بقوله تعالى: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
وهكذا أيضا إذا أحسوا بأنهم في ضائقة دينية، إذا أحسوا بأنهم في ضيق، وفي شدة فإن عليهم أيضا أن يسعوا في تخفيف ما نزل بهم في تخفيف الآلام التي تصيبهم ويخففوها؛ الألم الحسي أو الألم المعنوي.
فالألم الحسي: كالمرض، إذا مرض أخوك، وعرفت أن لك حيلة في علاجه، أو في التوسط له حتى يعالج ويشفى من هذا المرض الذي أضنى جسده، وآلمه فإنك مطالب بأن تسعى في تخفيف ذلك عنه، وكذلك أيضا إذا عرفت بأنه قد مسه شيء من المرض المعنوي الذي هو حزن مثلا، وضائقة ووسوسة وشدة آلام نفسية وأحزان، وما أشبه ذلك، ولك حيلة أو قدرة على أن تفرج عنه فلا تسلم أخاك.
ولذلك قال النبي -صلى الله عليه وسلم- رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
وكذلك تخفيف الآلام عنه الآلام المعنوية؛ وهي تعديه وظلمه ومعصيته وفسقه، عليك أن تنصحه وأن تخلصه من ذلك؛ وهذا معنى ما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
فهذا المظلوم تنصره حتى تخلص حقه من ذلك الظالم، وهذا الظالم تنصره حتى تنصحه وحتى تأخذ على يديه وتمنعه من الظلم وتمنعه من الاعتداء، فإنك إذا أسلمته تركته يخوض في هذه المظالم؛ فيقع في المعاصي ويقع في السيئات ويرتكب الخطايا وتكثر ذنوبه وسيئاته، وأنت قادر على أن تخفف عنه.
ويدخل في ذلك أيضا نصيحته، إذا وقع في ذنب أو ارتكب بدعة؛ ابتدع بدعة أو عمل عملا يخرجه عن الإسلام؛ كمعصية مكفرة وما أشبه ذلك، فإن هذا ونحوه مما يجب أن ينصح عنه المسلم، وأن يحذر من البقاء عليه.
فإذا أحسست بأن أخا لك مثلا قد انحرف، أو تغير نهجه وقع في معصية، وارتكب ذنبا أو صحب ثلة وشلة فاسدة، تخشى أنهم يغيروه ويوقعوه في شباك يصعب أن يتخلص منها، فما واجبه نحوك؟ تحرص على إنقاذه، تحرص على انتشاله من هذه الأوحال التي إذا توغل فيها صعب عليه التخلص، فتنصحه عن صحبة فلان وفلان، وتنصحه عن هذا الذنب الذي فعله، إذا رأيته مثلا ارتكب ذنبا؛ كشرب دخان، أو تعاطي مسكر، أو مخدر أو سماع أغاني أو ما أشبهها، فإن من واجب المسلم أن ينصح إخوته المسلمين، وأن يحرص على إنقاذهم فذلك من تمام الأخوة.
يفهم بعض الناس أن قوله: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
إذا رأيته في شيء من الشدة والضيق، ولكن مع ذلك عليك أن تنقذه أيضا من المعاصي ومن الشرور ومن أسبابها، فإن ذلك من حق كل المسلم على المسلم؛ إذا عرفت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
قد تعرف أن ذلك المظلوم سوف ينتقم ويخلص حقه، ولكن إذا عرفت الظالم، وعرفت أنه يتقبل منك ويعرف نصيحتك ومودتك له فنصحته وبينت له خطأه، وأنه قد ظلم في هذه القضية، وقد أخذ ما ليس له، وقد تعدى على حق غيره، وقد أساء المعاملة الفلانية فإنه يقبل منك، إذا عرف أنك ناصح وصادق، وإذا خوفته بالله وخوفته بآثار الظلم، وبينت له قول النبي -صلى الله عليه وسلم- رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
إن كان لك قوة وقدرة؛ فإنك تأخذ على يديه، ولو أن تقيده وتوثقه؛ إذا كان لك ولاية عليه كابنك أو ابن ابنك أو أخيك أو نحو ذلك؛ وأما إذا لم يكن لك ولاية عليه فإنما عليك أن تحرص على نصيحته، وتحذيره وتخويفه من الله تعالى؛ لعله أن يرتدع، هذا إذا كان ظلمه حق آدمي؛ وذلك لأن حقوق الآدميين مبنية على المشاحة والمضايقة.
وأما إذا كان ظلمه لنفسه؛ بأن ارتكب ذنبا أو فرط في طاعة؛ رأيته مثلا يترك الصلاة في المساجد، أو رأيته يمنع حقا لله واجبا حقا ماليا، أو رأيته مثلا يتساهل في عبادة من عبادات الله كالصيام ونحوه، وكذلك إذا رأيته يرتكب معصية ويصر عليها؛ يسمع الأغاني ويعكف على النظر إلى الصور والأفلام الخليعة وما أشبهها، ورأيته مثلا يتعاطى المسكرات، أو يصحب أهل الشرور وأهل الفساد، أو يسهر ليلا طويلا سهرا يسبب عليه تفويت شيء من صلاة الجماعة، أو ما أشبه ذلك.
وهكذا المعاصي الخاصة التي قد يفعلها ويتأول؛ إذا رأيته يحلق لحيته أو يجر ثيابه؛ يعني يسبل لباسه أو يتكبر على الناس، أو لا يقبل الحق مع وجود من ينصحه، يرد الحق أو يتمسخر بأهل الدين وأهل الصلاح، ويتنقصهم أو يسب ويشتم، يستعمل في كلامه سبابا وهجاء وشتما وقذفا وعيبا ولعنا وكلاما بذيئا تسمعه منه، لا شك أن هذا والحال هذه مما يجب أن تنصره وتنصحه عنه.
كذلك من حقوق المسلمين بعضهم على بعض، إذا بين النبي -صلى الله عليه وسلم- الأخوة بين المسلمين فإن من آثار الأخوة أن يحب المرء لأخيه ما يحب لنفسه.
وكذلك أيضا من حقوق بعضهم على بعض أن يبتعدوا عن كل شيء يضر بالمسلمين؛ كالأفعال التي نهى عنها في قوله -صلى الله عليه وسلم- رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
فالذي يفعلها يعتبر مذنبا عليك أن تنصحه، وأن تبين له أن هذا من الظلم الذي يبغضه الله تعالى وأنه من الإضرار بالمسلمين، وأن المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، وأن واجبا عليك أيها المسلم أن تعرف حق المسلمين معك، وأن تساعدهم على أمور دينهم ودنياهم، ولا تختص بالمصلحة لنفسك ولا لأهلك، عليك أن تعدل في نفسك وفي أهلك وفيما وليت، وأن توقف كل إنسان من أهلك على حده، وأن تقف أيضا مع إخوتك المسلمين على ما هو الحق وما هو الصواب دون أن تصطفي لنفسك مصلحة، وأنت ترى أن غيرك أحق منك بها، أو أن تفعل ما يجلب إليك منفعة ويضر غيرك من المسلمين؛ كالغش مثلا في المعاملة وكالحسد وما أشبه ذلك.
فكل هذا من آثار الأخوة الدينية؛ ننتبه لمثل ذلك، ونعرف أن الأخوة التي أكدها النبي -صلى الله عليه وسلم- وشبك بين أصابعه، وأخبر بأن رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
مسألة>