يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
شرح كتاب بهجة قلوب الأبرار لابن السعدي
81436 مشاهدة
شرح حديث قل آمنت بالله ثم استقم

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال -رحمه الله تعالى- الحديث الخامس: عن سفيان بن عبد الله الثقفي قال: قلت: يا رسول الله قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا بعدك. قال: قل آمنت بالله ثم استقم رواه مسلم .


بسم الله، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه هذا من الأحاديث الجامعة، مع اختصاره وقلة لفظه فإن معناه معنى غزير.
وهذا الصحابي -رضي الله عنه- أراد وصية مختصرة مفيدة يعمل بها فيكتفي بها عن أن يسأل غيرها، ولكنها في باب المواعظ لا في باب الأحكام؛ لأن الأحكام يعرفها ويعرف أركان الإسلام، ويعرف أركان الصلاة وأركان الطهارة، وأركان وجوب الزكاة، ويعرف أحكام الصيام والحج والجهاد وما أشبهه ذلك، ويعرف الحلال والحرام من المحرمات التي حرمها الله كالربا والزنا وشرب الخمر والقتل والسرقة وما أشبهه.
ولكن أراد كلمة موجزة يكون لها معنى يستحضره دائما، ويكون من آثارها أن من عمل بها استفاد، وسعد في الدار الدنيا وفي الدار الآخرة: قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا بعدك أي قولا مختصرا أكتفي به في عملي في هذه الحياة الدنيا.
قال -صلى الله عليه وسلم- قل آمنت بالله ثم استقم وهكذا أرشده قل آمنت بالله ثم استقم قيل: إن هذا مأخوذ من الآية الكريمة في سورة الأحقاف: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ فإن من قال: ربي الله لزم أن يؤمن بالله، وإذا آمن بالله لزم أن يعبد الله، وعبادة الله يدخل فيها طاعته في فعل الأوامر وترك المحرمات، وكذلك إذا قال: آمنت بالله؛ يعني صدقت بأن الله ربنا، وأنه الإله الحق، وأنه المستحق لأن يعبد، وأن يشكر ويحمد، والمستحق لأن يفرد بجميع أنواع العبادة.