الإرشاد شرح لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد
مسألة: اتفاق السلف والخلف على إثبات ما ورد من الصفات في كتاب الله وسنة رسوله من غير تعرض لتأويله
( وعلى هذا درج السلف وأئمة الخلف رضي الله عنهم، كلهم متفقون على الإقرار والإمرار والإثبات لما ورد من الصفات في كتاب الله وسنة رسوله من غير تعرض لتأويله. )
شرح:
درجوا عليه، يعني: ساروا على هذا، والمراد أنهم على طريقة السلف التي هي تقبل النصوص، والعمل بها، واعتقادها، والإقرار بها، وإمرارها كما جاءت بقولهم: ( أمَرُّوها كما جاءت )، وإثبات دلالتها، وإثبات معانيها دون أن يصرفوا شيئًا من مدلولها عن ظاهره، ودون أن يحرفوا شيئًا منها، أو يشتغلوا بتحريفه أو بتأويله، أو يردوه ( هكذا طريقتهم )، ومراده بسلف الأمة أهل القرون الثلاثة المفضلة؛ الصحابة والتابعون وتابعوهم، هؤلاء هم سلف الأمة درجوا على ذلك، والآثار عنهم في ذلك كثيرة.
وقد نقل شيخ الإسلام ابن تيمية اسم> في ( الحموية ) كثيرًا من الآثار عنهم، ولكنها قليلة بالنسبة إلى ما نقله غيره، ومن أراد أن يعرف أقوالهم فليقرأ كتب أهل السنة ككتاب ( الشريعة ) للآجري اسم> وكتاب ( السنة ) للخلاّل اسم> وكتاب ( السنة ) لابن أبي عاصم اسم> و( شرح أصول أهل السنة ) للالكائي اسم> وكذلك كتب المتقدمين كالسنة لعبد الله بن الإمام أحمد اسم> ففيها كثير من أقوال هؤلاء الذين أجملهم ابن قدامة اسم> .
يقول: درجوا : يعني ساروا، ونهجوا على طريقة هذين الإمامين الإمام أحمد اسم> والإمام الشافعي اسم> - واقتصر عليهما، لكن الإمام مالكًا اسم> أيضا مشهور أنه سئل عن آية الاستواء فقال: ( الاستواء معلوم، والكيف مجهول ... إلى آخره ) ، والإمام أبو حنيفة اسم> مشهور ما ذكره في كتابه الذي هو ( الفقه الأكبر ) الذي جُمع من كلامه، وقد نقل عنه شيخ الإسلام اسم> في ( الحموية )، ومع أنه موجود لكن مع الأسف فالذين تولوا شرحه أضافوا إليه إضافة أفسدوا بها مقصده.
فهؤلاء هم الأئمة الأربعة المقتدى بهم، وغيرهم من الأئمة الذين في زمانهم هم أيضًا على طريقتهم، فطريقة أهل السنة متفقة مع أئمتهم، وليس للأئمة قول يخرجون به عن قول أهل السنة.
ذكر شيخ الإسلام اسم> في المناظرة التي حصلت بينه وبين أهل بلده في دمشق اسم> لما ناظروه على عقيدته: أن السلطان في ذلك الوقت كان هو الذي عقد هذه المناظرة، ولما كان لشيخ الإسلام اسم> مكانته وشهرته عند الناس، وشعبيته، أراد السلطان أن يهدئ الوضع فقال لهم: إن هذا على مذهب الإمام أحمد اسم> ومذهب الحنابلة معتبر ومعترف به فاتركوه على مذهبه، اتركوه يقول ما يقول في الأسماء والصفات ما دام أنه مذهب معترف به من المذاهب الأربعة.
ماذا قال شيخ الإسلام اسم> ؟ قال: لا والله ليس للإمام أحمد اسم> اختصاص بهذا القول، بل إنه مذهب الأئمة كلهم؛ وذلك لأن الأصول والعقائد لا يجوز الخلاف فيها، أما الخلاف الذي بين الأئمة الأربعة فإنما هو في الفروع في مسائل العبادات ومسائل الحلال والحرام، ومسائل الأحكام، هذا الذي اختلفوا فيه، فأما الأصول التي هي العقائد والأسماء والصفات فالأئمة الأربعة، والأئمة الذين في زمانهم كالليث اسم> في مصر اسم> والأوزاعي اسم> في الشام اسم> وسفيان الثوري اسم> في العراق اسم> وسفيان بن عيينة اسم> في مكة اسم> وابن أبي ذئب اسم> في المدينة اسم> وعبد الرزاق اسم> في اليمن اسم> وأشباههم كلهم على المذهب الحق الذي هو العقيدة السلفية عقيدة أهل السنة والجماعة في الأسماء والصفات رأس> لا خلاف بينهم في ذلك.
مسألة>