شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة logo       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
shape
الإرشاد شرح لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد
109954 مشاهدة print word pdf
line-top
مسألة: اتفاق السلف والخلف على إثبات ما ورد من الصفات في كتاب الله وسنة رسوله من غير تعرض لتأويله

( وعلى هذا درج السلف وأئمة الخلف رضي الله عنهم، كلهم متفقون على الإقرار والإمرار والإثبات لما ورد من الصفات في كتاب الله وسنة رسوله من غير تعرض لتأويله. )


شرح:
درجوا عليه، يعني: ساروا على هذا، والمراد أنهم على طريقة السلف التي هي تقبل النصوص، والعمل بها، واعتقادها، والإقرار بها، وإمرارها كما جاءت بقولهم: ( أمَرُّوها كما جاءت )، وإثبات دلالتها، وإثبات معانيها دون أن يصرفوا شيئًا من مدلولها عن ظاهره، ودون أن يحرفوا شيئًا منها، أو يشتغلوا بتحريفه أو بتأويله، أو يردوه ( هكذا طريقتهم )، ومراده بسلف الأمة أهل القرون الثلاثة المفضلة؛ الصحابة والتابعون وتابعوهم، هؤلاء هم سلف الأمة درجوا على ذلك، والآثار عنهم في ذلك كثيرة.
وقد نقل شيخ الإسلام ابن تيمية في ( الحموية ) كثيرًا من الآثار عنهم، ولكنها قليلة بالنسبة إلى ما نقله غيره، ومن أراد أن يعرف أقوالهم فليقرأ كتب أهل السنة ككتاب ( الشريعة ) للآجري وكتاب ( السنة ) للخلاّل وكتاب ( السنة ) لابن أبي عاصم و( شرح أصول أهل السنة ) للالكائي وكذلك كتب المتقدمين كالسنة لعبد الله بن الإمام أحمد ففيها كثير من أقوال هؤلاء الذين أجملهم ابن قدامة .
يقول: درجوا : يعني ساروا، ونهجوا على طريقة هذين الإمامين الإمام أحمد والإمام الشافعي - واقتصر عليهما، لكن الإمام مالكًا أيضا مشهور أنه سئل عن آية الاستواء فقال: ( الاستواء معلوم، والكيف مجهول ... إلى آخره ) ، والإمام أبو حنيفة مشهور ما ذكره في كتابه الذي هو ( الفقه الأكبر ) الذي جُمع من كلامه، وقد نقل عنه شيخ الإسلام في ( الحموية )، ومع أنه موجود لكن مع الأسف فالذين تولوا شرحه أضافوا إليه إضافة أفسدوا بها مقصده.
فهؤلاء هم الأئمة الأربعة المقتدى بهم، وغيرهم من الأئمة الذين في زمانهم هم أيضًا على طريقتهم، فطريقة أهل السنة متفقة مع أئمتهم، وليس للأئمة قول يخرجون به عن قول أهل السنة.
ذكر شيخ الإسلام في المناظرة التي حصلت بينه وبين أهل بلده في دمشق لما ناظروه على عقيدته: أن السلطان في ذلك الوقت كان هو الذي عقد هذه المناظرة، ولما كان لشيخ الإسلام مكانته وشهرته عند الناس، وشعبيته، أراد السلطان أن يهدئ الوضع فقال لهم: إن هذا على مذهب الإمام أحمد ومذهب الحنابلة معتبر ومعترف به فاتركوه على مذهبه، اتركوه يقول ما يقول في الأسماء والصفات ما دام أنه مذهب معترف به من المذاهب الأربعة.
ماذا قال شيخ الإسلام ؟ قال: لا والله ليس للإمام أحمد اختصاص بهذا القول، بل إنه مذهب الأئمة كلهم؛ وذلك لأن الأصول والعقائد لا يجوز الخلاف فيها، أما الخلاف الذي بين الأئمة الأربعة فإنما هو في الفروع في مسائل العبادات ومسائل الحلال والحرام، ومسائل الأحكام، هذا الذي اختلفوا فيه، فأما الأصول التي هي العقائد والأسماء والصفات فالأئمة الأربعة، والأئمة الذين في زمانهم كالليث في مصر والأوزاعي في الشام وسفيان الثوري في العراق وسفيان بن عيينة في مكة وابن أبي ذئب في المدينة وعبد الرزاق في اليمن وأشباههم كلهم على المذهب الحق الذي هو العقيدة السلفية عقيدة أهل السنة والجماعة في الأسماء والصفات لا خلاف بينهم في ذلك.

line-bottom