تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. logo إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
shape
الإرشاد شرح لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد
131985 مشاهدة print word pdf
line-top
طاعة الإمام من طاعة الله

وحيث إننا في هذه الأزمنة قد اختلفت الأحوال بالنسبة إلى الحج، فأمنت الطرق -والحمد لله- فصار كل يحج من جهته، ولا يحتاجون إلى أن يكون هناك أمير يجمع الجيوش أهل الجنوب من جهتهم، وأهل الشمال من جهتهم، وأهل الشرق، وأهل الغرب، يأتون من طرق مختلفة في البواخر وفي الطائرات وفي السيارات من كل جهة ولا يحتاجون إلى والٍ.
وكذلك أيضًا في نفس المناسك لا حاجة بأن يكون لهم أميرٌ يتبعونه أو يسيرون معه كما كانوا سابقًا؛ ففي حديث ابن عمر أنه سأله سائل وقال: متى أرمي الجمار؟ قال: إذا رمى إمامك وهذا يدل على أنهم كانوا يتقيدون بالأمير فلا يرمون إلا إذا رمى، ولا يدفعون إلا إذا دفع، وأما الآن فالأمر فيه سعة ما دام أنهم قد عرفوا المناسك.
أما في الجهاد وسفره فالأمر مختلف، ومعلوم أن هناك جهادا في كثير من البلاد الإسلامية، وأنهم بحاجة إلى أن يكون عليهم أمير على كل سرية أو على كل جيش يقاتلون به، ولو كان هذا الأمير غير مولى من جهة الأمير العام أو من جهة الملك أو الخليفة إنما هو مولى من جهته في ولاية خاصة، فإن طاعته في تدبير الجيوش وعدم التفرق تعتبر من طاعة الله، لما في ذلك من المصلحة المحققة التي يتحقق بسببها نصر الإسلام والمسلمين بإذن الله.

line-bottom