الإرشاد شرح لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد
مسألة: عقيدة السلف في أزواج الرسول صلى الله عليه وسلم
قوله:
( ومن السنة: الترضي عن أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين المطهرات رأس> المبرآت من كل سوء، أفضلهن خديجة بنت خويلد اسم> وعائشة الصديقة بنت الصديق اسم> التي برّأها الله في كتابه -زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - في الدنيا والآخرة فمن قذفها بما برّأها الله منه فقد كفر بالله العظيم, ومعاوية اسم> خال المؤمنين وكاتب وحي الله، أحد خلفاء المسلمين، رضي الله عنهم أجمعين. )
شرح:
ذكر أيضًا أن من السنة الترضي عن زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، وقد زكّاهن الله تعالى وطهّرهن، وخيَّرهن، ونزل فيهن ما يدل على فضلهن وعلى سبقهن، وعلى ميزات كثيرة، فمن السنة الترضي عنهن وذكر محاسنهن وفضلهن وميزاتهن.
ومن ذلك أن الله تعالى خيرهن بين الدنيا والآخرة فاخترن الآخرة، وذلك لما نزل قول الله تعالى: رسم> يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا قرآن> رسم> (الأحزاب:28-29) آية> .
لو قالت إحداهن: أريد الدنيا وأريد زينتها لسرحها سراحًا جميلا ولفارقها، ولكن كلهن رضين بالخصلة الثانية ، أردن الله ورسوله والدار الآخرة، من أجل ذلك صبرن على العيشة الضيقة حتى كان يأتي عليهن شهرٌ أو شهران لا يوقد في بيوتهن نارٌ، إنما هو الأسودان التمر والماء، صبرن على ذلك لأنهن قلن: نريد الله ورسوله والدار الآخرة، ولا نريد زينة الدنيا ولا نريد زهرة الدنيا.
وقال تعالى مميزًا لهن: رسم> يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ قرآن> رسم> (الأحزاب:32) آية> فهذا فضل لهن رسم> يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ قرآن> رسم> (الأحزاب:30) آية> رسم> وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ قرآن> رسم> (الأحزاب:31) آية> ولا شك أنهن حفظن أنفسهن ، وأحسن بالأعمال الصالحة، فصار أجرهن مضاعفًا على غيرهن.
كما أدبهن الله بآداب حسنة منها قوله تعالى: رسم> وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ قرآن> رسم> (الأحزاب:33) آية> رسم> فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ قرآن> رسم> (الأحزاب:32) آية> رسم> وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ قرآن> رسم> (الأحزاب:34) آية> وهذه الآيات من سورة الأحزاب يخاطب الله بها زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، ومنها قوله تعالى في أثناء هذه الآيات : رسم> إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا قرآن> رسم> (الأحزاب:33) آية> فهذه الجملة من الآية في سياق الكلام على زوجات النبي صلى الله عليه وسلم.
فإن قوله تعالى: رسم> فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى قرآن> رسم> (الأحزاب:32-33) آية> كل هذا خطاب لهن ، وقوله تعالى: رسم> وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ قرآن> رسم> (الأحزاب:33) آية> خطاب لهن، أيضًا ، ثم قال تعالى: رسم> إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا قرآن> رسم> .
نقرر هذا لأن الرافضة يقولون: هذه الجملة لعلي اسم> وذريته ، وأما الذي قبله والذي بعده فليس هو لهم، فأخرجوا زوجات النبي صلى الله عليه وسلم من هذا الخطاب، ويقولون: لأن الضمير جاء فيها بالمذكر في قوله: (عنكم)، (ويطهركم)، ما قال: عنكن، ولا قال: ويطهركن.
والجواب أن نقول: هذه الآية أولى بها زوجاته صلى الله عليه وسلم، ولكن إنما ذكر الضمير في قوله تعالى: رسم> إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ قرآن> رسم> لأنه أدخل معهن النبي صلى الله عليه وسلم فهو صاحب البيت، (عنكم) يعني عنك يا محمد اسم> وعن زوجاتك، وعن أهل بيتك ، فأهل البيت هم محمد اسم> وزوجاته، وكذلك أيضا بناته وأولاده، فكلهم من أهل البيت رسم> إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ قرآن> رسم> .
فالرافضة يرددون (أهل البيت) ، ويخصون أهل البيت بعلي اسم> وذريته، ونحن نقول: صحيح أن عليًّا اسم> وذريته من أهل البيت، ولكن ليس هم وحدهم أهل البيت بل هناك غيرهم، فزوجته من أهل البيت، وزوجات عثمان اسم> من أهل البيت، وزوجة أبي العاص بن الربيع اسم> من أهل البيت، كلهن بناته صلى الله عليه وسلم، فلماذا تختص فاطمة اسم> وزوجها بأنهم أهل البيت؟! , نعم علي اسم> ابن عمه وهو من أهل البيت، وأقرب منه عمه العباس اسم> وهو من أهل البيت، وأولاد العباس اسم> وأفضلهم عبد الله اسم> الذي قال له صلى الله عليه وسلم: رسم> اللهم فقهه في الدين متن_ح> رسم> كيف لا يكون هؤلاء من أهل البيت؟ وكيف يختص أهل البيت بعلي اسم> وبذريته؟!.
نقول: إن هذا تقصير في الفهم فقوله تعالى: رسم> إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ قرآن> رسم> يدخل فيها النبي صلى الله عليه وسلم وزوجاته وبناته وأعمامه وأولاد أعمامه، ومن جملتهم علي اسم> وذريته؛ فهم منهم لا أنهم وحدهم أهل البيت.
مسألة>