الإرشاد شرح لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد
القرآن هو هذا الكتاب العربي الذي هو كلمات وحروف وآيات
وقوله:
( وهو هذا الكتاب العربي الذي قال فيه الله تعالى على لسان الذين كفروا: رسم> لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ قرآن> رسم> [ سبأ:31 ] آية> وقال بعضهم: رسم> إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ قرآن> رسم> [ المدثر:25 ] آية> فقال الله سبحانه: رسم> سَأُصْلِيهِ سَقَرَ قرآن> رسم> [ المدثر:26 ] آية> وقال بعضهم: هو شعر, فقال الله تعالى: رسم> وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ قرآن> رسم> [ يس:69 ] آية> فلما نفى الله عنه أنه شعر وأثبته قرآنًا لم يبق شبهة لذي لُبٍّ في أن القرآن هو هذا الكتاب العربي الذي هو كلمات، وحروف، وآيات ؛ لأن ما ليس كذلك لا يقول أحد: إنه شعر ).
شرح:
يشير إلى أن القرآن الذي هو كلام الله ، هو هذا الموجود الذي في المصاحف، فإنه كلام عربي؛ قال الله تعالى: رسم> وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قرآن> رسم> ( فصلت: 44 ) آية> كيف يرسل إلى قوم عرب ، ويكون قرآنًا أعجميًّا ؟ وقال تعالى: رسم> لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ قرآن> رسم> ( النحل:103 ) آية> وصفه بأنه لسان عربي.
ثم حكى الله عن المشركين الذين عارضوه هذه الحكايات فحكى عنهم قولهم أنه أساطير الأولين ، لما سمعوا فيه هذه القصص قالوا: إنه أكاذيب الأولين قال تعالى: رسم> وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا قرآن> رسم> ( الفرقان:5 ) آية> كيف تملى عليه وهو أمي لا يكتب ولا يقرآ ؟ يقول تعالى: رسم> وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ قرآن> رسم> ( العنكبوت:48 ) آية> .
كذلك حكى الله عنهم أنهم قالوا: إنه شعر، إنه كهانة، والشعر معروف أنه له أوزان، وله قواف ، والقرآن ليس كذلك، ومعلوم أن الكهنة يستعملون في كلماتهم سجعات متتالية، وليس كذلك القرآن، ولهذا رد الله عليهم بقوله تعالى: رسم> وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ قرآن> رسم> ( الحاقة:41-42 ) آية> .
ولما أوردوا هذه الإيرادات على بعض كفار قريش -وهو الوليد بن المغيرة اسم> - لم يقنع بها فقالوا: فماذا نقول؟ قال: نقول إنه سحر يؤثر ، يعني يُنقل ممن قبله، فقال الله تعالى حاكيا عنه: رسم> فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ سَأُصْلِيهِ سَقَرَ قرآن> رسم> ( المدثر:24-26 ) آية> كيف يكون سحرًا يؤثَر؟ من أين أُثِر، ومن أين جاء؟ فتبين أن هذا دليل على أنهم يشيرون إلى القرآن الذي يتلى عليهم؛ لأنه لو كان معنويًّا لم يوصف بأنه شعر، ولا أنه سحر، ولا أنه كهانة، ولا أنه أساطير الأولين، ولا أنه افتراه كما في قولهم: ( افتراه ) يعني: كذَبَه واختلقه، فدل على أنهم يشيرون إلى هذا القرآن.
وقوله:
( وقال تعالى: رسم> وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ قرآن> رسم> ( البقرة:23 ) آية> ولا يجوز أن يتحداهم بالإتيان بمثل ما لا يدري ما هو، ولا يعقل. )
شرح:
يشير إلى أن المثل لا بد أن يكون معروفًا مشهورًا مشاهدًا؛ فقوله تعالى: رسم> فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ قرآن> رسم> في سورة البقرة، وفي سورة يونس رسم> فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ قرآن> رسم> ( يونس:38 ) آية> لو كان المراد المعنى الذي تزعم الأشاعرة أنه ( معنى ) لم يُعرف المثل ! لأنهم يقولون: إن القرآن إنما هو ( المعنى )، وأما اللفظ فهو تعبير من محمد اسم> أو تعبير من جبريل اسم> وهذا خطأ، وإلا لما قال الله تعالى: رسم> فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ قرآن> رسم> .
مسألة>