الإرشاد شرح لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد
الأدلة على الإيمان بالقدر
وقوله:
( وروى ابن عمر اسم> - رضي الله عنهما - أن جبريل اسم> عليه السلام قال للنبي صلى الله عليه وسلم: رسم> ما الإيمان؟ قال: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره, فقال جبريل: صدقتَ متن_ح> رسم> رواه مسلم حديث> .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: رسم> آمنت بالقدر خيره وشره، وحُلوه ومره رسم> ومن دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي علمه الحسن بن علي اسم> يدعو به في قنوت الوتر: رسم> وقني شر ما قضيت متن_ح> رسم> . )
شرح:
هذه أدلة على الإيمان بالقدر رأس> فحديث ابن عمر اسم> في صحيح مسلم اسم> هو أول حديث في كتاب الإيمان، وهو حديث عمر اسم> المشهور، وأوله عن يحيى بن يعمر اسم> قال: رسم> كان أول من قال بالقدر في العراق معبد الجهني، فانطلقت أنا وحُميد بن عبد الرحمن الحميري حاجين أو معتمرين، فقلنا: لو لقينا أحدا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألناه عما يقول هؤلاء في القدر، فوفق الله تعالى لنا عبد الله بن عمر داخلا المسجد، فاكتنفته أنا وصاحبي وظننت أن صاحبي سيكل الكلام إلي، فقلت: يا أبا عبد الرحمن إنه قد ظهر قبلنا أناس يقرؤون القرآن ويتقفرون العلم، وذكر من شأنهم، وأنهم يزعمون أن لا قدر، وأن الأمر أنفُ، فقال: إذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريء منهم وأنهم براء مني، والذي نفسي بيده؛ لو أنفق أحدهم مثل أحد ذهبا ما قبله الله منه حتى يؤمن بالقدر رسم> .
ثم أنشأ يحدث بهذا الحديث، حديث عمر اسم> المشهور إلى قوله: رسم> قال: أخبرني عن الإيمان قال: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره، قال: صدقت... الحديث متن_ح> رسم> .
فهذا دليل على نوع من أنواع القدر، وهو العلم السابق الذي ذكرنا أنه العلم الذي علمه الله قبل وجود المخلوقات، وهو الذي أنكره معبد الجهني اسم> وادعى أن الأمر (أُنف) يعني: مستأنف، بمعنى أن الله لا يعلم الأشياء حتى تحدث؛ لا يعلم ما سوف يولد لهذا، ولا من سوف يسكن هذه البلدة، ولا متى تعمر هذه البقعة، ولا متى تنبت هذه الشجرة، ولا متى تثمر حتى تخرج ثمارها، وهذا بلا شك تنقص لعلم الله الذي وصف به نفسه بأنه بكل شيء عليم.
ولكن الحديث وهو قوله صلى الله عليه وسلم: رسم> تؤمن بالقدر خيره وشره متن_ح> رسم> يدخل فيه أيضاً القدر الذي هو الحوادث، وهو أن تؤمن بأنها مقدرة وأن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك ، وورد من حديث ابن عباس اسم> عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: رسم> لو اجتمعت الأمة على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشي قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك؛ رُفِعت الأقلام وجفّت الصحف متن_ح> رسم> .
أما دلالة حديث القنوت الذي أوله: اللهم أهدني فيمن هديت إلى قوله: رسم> وقِني برحمتك شرَّ ما قضيتَ؛ فإنك تقضي ولا يُقضى عليك متن_ح> رسم> فقد دل على أن الله يقيه من الشر، والدعاء ليس يغير القدر، ولكن الدعاء من القدر، والدعاء نفسه مقدر، وقد جعله الله سببًا لوقوع هذا القدر، فدعاؤنا بقولنا: وقني شر ما قضيتَ أي: شر ما تقدره؛ أي: ما قد كُتب، ومما قدره الله تعالى وكتبه أن العبد سيدعو بهذا الدعاء ويكون سببًا في كشف الشر عنه.
فدل على أن المكتوب لا بد من وقوعه ، ولا بد من حصوله ، فما قدر الله فلن يخطئ العبد، لا راد لقضاء الله، ولا معقب لحكمه.
مسألة>