إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. logo إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
shape
الإرشاد شرح لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد
109854 مشاهدة print word pdf
line-top
مسألة: الإيمان بكل ما أخبر به الرسول - صلى الله عليه وسلم -

قوله :
( ويجب الإيمان بكل ما أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم - وصح به النقل عنه فيما شاهدناه أو غاب عنا ؛ نعلم أنه حق وصدق، وسواء في ذلك ما عقلناه أو جهلناه ولم نطلع على حقيقة معناه. )


شرح:
هذا مما يتعلق بالعقيدة؛ وهو الإيمان بالغيب، وأول وَصْفٍ وَصَفَ الله به المتقين: الإيمان بالغيب قال تعالى: هُدًى لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ (البقرة:2-3) والغيب كل ما غاب عنا وأخبرنا عنه، وكان الخبر يقينًا؛ أخبر الله به في القرآن أو أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث.
لا شك أن الأخبار الغيبية إخبار عن أمر ما شاهدناه ولا رأيناه، فما هي طريقتنا في ذلك وماذا نفعل ؟ علينا أن نصدق به وإن لم تدركه عقولنا أو حواسنا، وكل شيء غاب عنا وأخبرنا عنه بخبر قد يكون غريبًا وقد يكون مستبعدًا، فإذا كان الخبر من الله أو رسوله وجب التصديق به مهما كان، والأمثلة لذلك كثيرة.
فأولاً: الخبر عن الله تعالى: هذا من الإيمان بالغيب، الخبر عنه بأنه فوق سمواته على عرشه بائن من خلقه، متصف بصفات كذا، منزه عن صفات كذا وكذا، هذا من الإيمان.
ثانيًا: الخبر عن الرسل: أخبرنا الله، وأخبرنا الرسول عن الرسل بأخبار منها مثلاً: أن آدم خُلق من تراب، وأن الله أسجَدَ له ملائكته، وأسكنه جنته، وأن إبليس احتال عليه حتى أخرجه؛ هذا من الإيمان بالغيب، لأننا ما شاهدناه لكن جاءنا الخبر اليقين، فنصدق به ونؤمن به.
ثالثًا: الإخبار عن الملائكة؛ عن كثرتهم، وعن عبادتهم، وعن أعمالهم، وعن أماكنهم، هذا أيضًا من الإيمان بالغيب، نقبله ولو استبعده من استبعده، فإن الأمور الغيبية لا تدرك بالعقول وإنما تدرك بالأخبار، فإذا كان المخبر ممن يجب تصديقه، فالتصديق به داخل في خصال الإيمان فلا يجوز رد شيء من خبره. ويقال هكذا في بقية الأخبار، وبالأخص ما يكون في الدنيا، فإن الإنسان قد يعجز عن إدراكه، ولكن إذا كان خبرًا صحيحًا ثابتًا فلا يجوز رده، ولو كذب بذلك من كذب.
ذكر ابن القيم في كتابه (الروح) عن الفلاسفة أنهم أنكروا عذاب القبر؛ وأن القبر روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار ، وأنه يُفسح للميت في قبره مد بصره، أو أنه يضيق عليه حتى تختلف أضلاعه ، وأنه يأتيه الملكان فيجلسانه، وأنهما يسألانه، وأنه إذا لم يعرف يضرب بمرزبة من حديد فيصيح صيحة يسمعها كل شيء إلا الإنسان، ولو سمعها الإنسان لصعق، وأنه يفتح له باب إلى الجنة أو باب إلى النار، وأنه يأتيه من روحها وريحانها فهم ينكرون ذلك ويقولون: هذا لا نحس به، فإننا كشفنا عن الميت فوجدناه على هيئته لم يتحرك ولم يتغير، فأين هذه الأشياء التي تزعمونها ؟ .
الجواب: أنكم في دار وهُم في دار، أنتم في دار الدنيا وهم في دار البرزخ، ومن مات فقد قامت قيامته، وليس لكم أن تنكروا الشيء الذي لا تدركونه، فإن إدراك هذه الأشياء إنما هو خاص بمن قد مات، وأما الأحياء فقد حجبت عنهم؛ ولأجل ذلك أخبرنا أن الإنسان لا يسمع هذه الأصوات، وذلك أنه لو سمعها لتكدرت عليه حياته، ولما اطمأن في الدنيا، ولما ركن إلى ملذاته، بل لا يعيش عيشة هنيئة، فلأجل ذلك حجب الله عنا هذه الأشياء فلم نرها.

line-bottom