الإرشاد شرح لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد
مسألة: بعض: آيات صفة الرضا والمحبة والغضب والسخط والكراهية والمكر
قوله:
( وقوله تعالى: رسم> رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ قرآن>
رسم> [المائدة:119] آية> وقوله تعالى: رسم>
يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ قرآن>
رسم> [المائدة:54] آية> وقوله تعالى: رسم>
وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قرآن>
رسم> [الفتح:6] آية> وقوله تعالى: رسم>
اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ قرآن>
رسم> [محمد:28] آية> وقوله تعالى: رسم>
كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ قرآن>
رسم> [التوبة:46] ) آية> .
شرح:
ذكرنا أن صفات الله تعالى: صفات ذاتية، وصفات فعلية، وهذه الآيات اشتملت على الصفات الفعلية، وهي التي يتصف بها إذا شاء، ولا تكون ملازمة للذات دائمًا بل يتصف بها إذا شاء، ويتصف بضدها أو بغيرها؛ لأنهما ضدان، فعندنا في هذه الآيات الرضا والغضب؛ وفي آيات كثيرة.
مثال الرضا رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
وقد ذكر الله الغضب في عدة آيات كقوله تعالى: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
فعلى هذا، فالصفتان، لا يمكن أن يرضى ويغضب في حالة واحدة على شخص واحد، ولا يقال: هذا رضي الله عنه وغضب عليه في حالة واحدة، بل رضي عن هذا وغضب على هذا.
فالرضا والغضب صفتا فعل، وهذه الصفات التي ذكرت في هذه الآيات كلها من صفات الفعل كقوله تعالى: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
والآيات التي فيها صفات الفعل كثيرة مثل قوله تعالى : رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
ومثلها أيضا صفات المحبة، قال تعالى: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
فطريقة أهل السنة في هذه الصفات إثباتها ونفي النقص عنها؛ وذلك لأن الله أخبر بها، والله لا يخبر إلا بما هو حق، ولو كانت قد تستنكر أو تذم في حق الآدمي، كما في الصحيح عن أبي هريرة اسم> قال: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![رواه البخاري في الأدب برقم (6116).](/site/books.png)
وقد كثرت التأويلات من المبتدعة لهذه الصفات، فيقول بعضهم: كيف يستهزئ الله مع أن الاستهزاء جهل، واستدلوا بقوله - تعالى - عن موسى اسم> - رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
وكذلك المكر والكيد، والمخادعة، والمقت، والأسف، وما أشبهها، هذه مذمومة للإنسان إذا صدرت منه؛ فإن الله تعالى نهانا بقوله تعالى: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
فالجواب: إن هذا من باب المقابلة لفعلهم بمثله، ولكن لا يكون فعل الله مساويا لفعل العبد، بل صفات الله المذكورة صفات أثبتها لنفسه، وهي لا تكون إلا على من هو أهل لها ، ولها آثارها، فإذا قلت: ما هو أثر الغضب ؟ الجواب: أنه إذا غضب فإنه يعذب من يغضب عليه، وقد ورد أثر الرضا في أن الله إذا رضي فإنه ينعم على من رضي عنه ويثيبه - في حديث قدسي وإن كان ضعيفًا؛ لكنه يكثر الاستشهاد به للاستئناس ولفظه: رسم> إذا أُطِعْتُ رضيتُ ، وإذا رضيتُ باركتُ ، وليس لبركتي نهاية ، وإذا عُصيتُ غضبتُ ، وإذا غضبتُ لعنتُ، ولعنتي تبلغ السابع من الولد رسم>
![ذكره ابن الجوزي في ذم الهوى باب / في التحذير من المعاصي وقبح أثرها ص 182.](/site/books.png)
على تقدير أن هذا يُستشهد به، فيه إثبات أثر الغضب، وأثر الرضى، ولو لم يأت في هذا الحديث، ولكن ذلك من مقتضياته، فأنت تقول للإنسان الذي تنصحه: لا تفعل ما يغضب الله، هذا الفعل يغضب الله، فهو يعرف أن الله إذا غضب يعاقب، اتبع ما يرضي الله عليك أو بما يرضى به عنك ربك، فهو يعرف أنه إذا رضي الله عنه أثابه، فهو يحرص على الفعل الذي به يكون ربه راضيًا عنه، ويبتعد عن الفعل الذي يكون به الرب عليه غضبان، لأنه يعرف أن في هذا الغضب عذابًا، وفي الرضا ثوابًا، إذًا فلهما آثار في الدنيا وفي الآخرة.
ويقال كذلك أيضًا في الصفات الأخرى؛ كصفة السخط، وصفة الكراهية، وصفة المقت، وصفة الأسف، وصفة الكيد، ويقال: إن الله يمكر بهؤلاء، يعني: يعطيهم ثم يعطيهم، ثم يأخذهم على حين غفلة، فكأنه مكر بهم.
ورد في بعض الآثار؛ لما ذكر تمادي بعض الكفار والعصاة، قال: ( مُكِر بالقوم ورب الكعبة اسم> )
![ذكره ابن كثير في تفسير قوله تعالى: فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة من كلام الحسن البصري رحمه الله، وعزاه لابن أبي حاتم.](/site/books.png)
فنستفيد أن هذه الآيات دالة على صفات فعلية، وأنها غير مكيفة، وأن الذين أنكروها وبالغوا في إنكارها ليس معهم إلا أدلة عقلية أجاب عنها شيخ الإسلام اسم> ؛ كما في أول ( التدمرية ) لما قال لهم: أنتم تعترفون بالإرادة، والإرادة هي ميل النفس إلى المراد، وتنكرون الغضب وتقولون: الغضب غليان دم القلب لطلب الانتقام، فلماذا فرّقتم بينهما؟ قالوا: لا نفسر الإرادة بأنها ميل القلب إلى المراد، فإن هذه إرادة المخلوق.
قال: فكيف تفسرون الغضب بأنه غليان دم القلب لطلب الانتقام، فإن هذا غضب المخلوق، فقد فرقتم بين متماثلين؛ أثبتم الإرادة ونفيتم الغضب، وكلاهما يفسر عندكم بهذا التفسير الذي هو من خصائص المخلوقين، فانقطعت بذلك حجتهم.
مسألة>