اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . logo    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
shape
الإرشاد شرح لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد
117187 مشاهدة print word pdf
line-top
مسألة: في الميزان

  قوله:
( والميزان له كفتان ولسان يوزن به أعمال العباد فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ [ المؤمنون:102-103 ] ) .


شرح:
مما نؤمن به الميزان ، وقد ذكره الله تعالى في عدة سور ، فذكره في سورة الأنبياء ، قال تعالى : وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ (الأنبياء:47) هذا دليل على أنه ميزان حقيقي توزن به الأعمال ، فيظهر فيه خفتها أو ثقلها، ولو كان العمل خفيفًا كحبة الخردل.
وقد ذكر الله أيضًا الذرة في قوله تعالى: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (الزلزلة:7-8) والذرة هي : النملة الصغيرة، وماذا تزن؟! .
وذكر الله الميزان في قوله تعالى: الْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُ (الأعراف :8-9) وكذلك ذكره في سورة المؤمنون وفي سورة القارعة، وكذلك وردت الأحاديث في وزن الأعمال.
وختم البخاري صحيحه: ما جاء في الميزان، باب: قول الله تعالى: وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (الأنبياء:47) وأورد بعض الآيات وذكر حديث أبي هريرة كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن؛ سبحان الله العظيم، سبحان الله وبحمده فاستشهد بقوله: ثقيلتان في الميزان.
وهذه الآيات دليل واضح على إثبات الميزان، وورد في الأحاديث أنه ميزان حقيقي له كفتان، وأنه توزن فيه الأعمال أو غيرها ، وأن له لسانًا يظهر ميله خفة أو ثقلا في لسانه، والكفتان اللتان توضع فيهما الأعمال.
ثم اشتهر عن المعتزلة أنهم أنكروا الميزان الحقيقي، وادعوا أن الميزان هو العدل في قوله تعالى : وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ( الأنبياء:47 ) أي: العدل، وقالوا: لا يحتاج إلى الوزن إلا البقالون ونحوهم، فأما الرب تعالى فليس بحاجة إلى أن ينصب ميزانًا، لأنه يعدل بين عباده، قال تعالى: وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ( الكهف:49 ) فأبطلوا دلالة هذه النصوص الصريحة التي فيها ذكر الميزان كقوله صلى الله عليه وسلم: والحمد لله تملأ الميزان ونحو ذلك من الأحاديث.

وأهل السنة أقروا بأنه ميزان حقيقي، وأن الله تعالى ينصبه لكل أحد، وأن كل إنسان له ميزان توزن فيه أعماله، سواءً كان ميزانا واحدا توزن فيه أعمال العباد، أو موازين متعددة ليكون ذلك أدل على العدل وعلى عدم الظلم، وأنه لا يعذب إلا من استحق العذاب.

line-bottom