شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه
الإرشاد شرح لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد
82005 مشاهدة
إعطاء النبي -صلى الله عليه وسلم- حقه

القسم الثالث: الذي هو القول الوسط هو قول أهل السنة؛ وهو أن تعطيه حقه الذي هو:
أولاً: الإيمان به, قال الله تعالى: فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا (التغابن:8) الإيمان به يعني: تصديق رسالته والجزم بصحة ما أرسل به.
 ثانيًا: محبته , يقول صلى الله عليه وسلم: لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين ومعلوم أن محبته تقتضي السير على نهجه وطريقته.
ثالثًا: الاتباع له, يقول الله تعالى: فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (الأعراف:158) ويقول تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ (آل عمران:31) فاتباعه هو السير على هديه ونهجه.
رابعًا: طاعته من طاعة الله, يقول تعالى: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ (النساء:80) وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا (النساء:14) وطاعته تتمثل في تقبل ما جاء به والعمل به، والابتعاد عما نهى عنه، وقد أمر الله بمثل ذلك كثيرًا؛ قال تعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ (الأحزاب:21) وقال تعالى: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا (الحشر:7) وحذر من مخالفته أشد التحذير في قوله تعالى: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (النور:63) يخالفون عن أمره يعني: يرون أمره صريحًا فيخالفون عنه ويتركونه، فهؤلاء توعدهم الله بالفتنة والعذاب .
فهذه حقوقه صلى الله عليه وسلم أما فضائله التي لا شك في صحتها فمنها: أنه أشرف المرسلين، وأنه خاتم النبيين، وأنه صاحب لواء الحمد؛ اللواء هو الراية التي تكون مرتفعة ويتبعها من يتبعه، فيوم القيامة يعطى لواءً ويتبعه الحامدون، وأنه صاحب المقام المحمود وفسر المقام المحمود بأنه قبول شفاعته عندما يشفع ، فيقبل الله شفاعته ، فذلك هو الذي يحمده فيه الأولون والآخرون, وأنه سيد الناس يوم القيامة، ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر يعني: لا أقول ذلك افتخارًا ولكن من باب التحدث بنعمة الله وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (الضحى:11) , والله تعالى قد ذكّره نعمه فقال: أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (الشرح:1) أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى (الضحى:6) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (الضحى:5) ونحو ذلك من الآيات التي يٌذكره فيها نعمته عليه, فأهل السنة يذكرون مزاياه الصحيحة وفضائله، ولكن يعلمون أنه لا يصح له بموجبها شيء من حق الله، بل الله تعالى له حق، والنبي - صلى الله عليه وسلم - له حق؛ فحقه علينا أن نحبه ونتبعه ونتأسى به ونطيعه ونصدق رسالته ونثق بما وعدنا به, وقد فسرت شهادة أنه رسول الله بأنها طاعته بما أمر ، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما نهى عنه وزجر ، وأن لا يعبد الله إلا بما شرع ، فهذا هو حق محمد النبي صلى الله عليه وسلم.