إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف logo عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.
shape
الإرشاد شرح لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد
129624 مشاهدة print word pdf
line-top
كلام الله هو القرآن حروفه ومعانيه

   وقوله:
(   وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من قرأ القرآن فأعربه فله بكل حرف منه عشر حسنات، ومن قرأه ولحن فيه؛ فله بكل حرف حسنة حديث صحيح، وقال عليه الصلاة والسلام اقرءوا القرآن قبل أن يأتي قوم يُقيمون حروفه إقامة السهم لا يجاوز تراقيهم؛ يتعجلون أجره، ولا يتأجلونه وقال أبو بكر وعمر رضي الله عنهما : إعراب القرآن أحب إلينا من حفظ بعض حروفه ,   وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: من كفر بحرف منه فقد كفر به كله واتفق المسلمون على عد سور القرآن، وآياته، وكلماته، وحروفه، ولا خلاف بين المسلمين في أن من جحد من القرآن سورة أو آية أو كلمة أو حرفًا متفقًا عليه -أنه كافر، وفي هذا حجةٌ قاطعةٌ على أنه حروف. )


   شرح:
هذه الأدلة أدلة واضحة على أن القرآن فيه كلمات، وحروف، وآيات ، ونحوها، وقد قال صلى الله عليه وسلم: من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول ( الم ) حرف ، ولكن ألِف حرف، ولام حرف، وميم حرف أخبر بأنه يثاب على هذه الحروف ، فدل على أن القرآن هو هذه الحروف، وكذلك من قرأ القرآن فأعربه من قرأ القرآن ولحن فيه الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران ويقول صلى الله عليه وسلم: تعاهدوا القرآن فوالذي نفسي بيده لهو أشد تَفَصِّيًا من الإبل في عقلها ويحث - صلى الله عليه وسلم - على تعلمه وتعليمه بقوله: خيركم مَن تعلَّم القرآن وعَلَّمه ويخبر صلى الله عليه وسلم عن فضل من يحمله مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كالأترجة طعمها طيب، وريحها طيب يعني: أنه يقرأ القرآن ، وأن القرآن قد امتلأ به قلبه وضميره.

   وكذلك ذكر كلام الصحابة في تفضيل إعراب القرآن؛ يعني: تجويده، وتحقيق كلماته على كثرة التلاوة، كل ذلك دليل على أنهم فهموا أن القرآن هو هذا المكتوب في المصاحف الذي هو كلمات وحروف.
  وكذلك اتفق أهل السنة، واتفق أئمة الأمة على أنه يجوز أن تُعدَّ كلماته، وأن تُعدَّ حروفه، وأن تُعدَّ آياته، وفي ذلك دليل على أن كلام الله هو هذا القرآن الذي فيه حروف، فالإمام الموفق رحمه الله في ذلك يشير إلى أن قول المعتزلة أنه مخلوق قول باطل.
  وكذلك قول الأشاعرة: إن الله لا يتكلم بحرف وصوت قولٌ باطل، فإنهم يريدون بذلك إبطال كون القرآن كلام الله؛ حروفه ومعانيه، فإن كلام الله هو القرآن؛ حروفه ومعانيه، ليس كلام الله الحروف دون المعاني ، ولا المعاني دون الحروف.
  ولما اشتهر عن شيخ الإسلام رحمه الله أنه يثبت أن الله يتكلم بكلام مسموع، أنكر عليه الأشاعرة، ولما أحضروه في مصر لمجادلته انتصب له أحد علماء الشافعية ووقف خصمًا له إذ رئيس القضاة في ذلك الوقت من الحنفية فقال له: أدعي على هذا الفقيه أنه يقول: إن الله يتكلم بحرف وصوت ، هكذا نقموا عليه قوله: ( إن الله يتكلم بحرف وصوت ) كأن هذه كبيرة عندهم، وكأن هذا أكبر الذنوب، وأكبر الكبائر، وأنه كفر، فلم يكن من شيخ الإسلام إلا أنه ذكر لهم الأدلة ، وطلب منهم أن يفسروها، فعجزوا عن ذلك ، فلبيان بطلان قول الأشاعرة اجتهد الشيخ في هذا الباب في أن يورد كثرة الأدلة التي تثبت أن كلام الله هو هذا القرآن حروفه ومعانيه.

line-bottom