إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.
الإرشاد شرح لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد
82053 مشاهدة
مسألة: في الحوض

قوله:
( ولنبينا محمد صلى الله عليه وسلم حوض في القيامة ماؤه أشد بياضًا من اللبن، وأحلى من العسل، وآنيته عدد نجوم السماء، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدًا . )


شرح:
الإيمان بالحوض داخل في الإيمان باليوم الآخر، وما ذاك إلا لأننا نؤمن بكل ما أُخبرنا به بعد الموت، وفي يوم القيامة أخبرنا بأنه يكون في الحشر أحوال ومن جملتها الحوض المورود.
ومعروف أن الحوض أصله ما يصنعه أهل البوادي من جلود الإبل ويجعلون له أعوادًا يعتمد عليها ، ثم يصبون فيه الماء لتشرب فيه الإبل أو الأغنام أو نحوها ، ويحملونه معهم لكونه خفيفًا.
ويطلق الحوض على كل ما يجمع الماء ، والعادة أنه يجتمع في الأحواض وفي المستنقعات وهي الأماكن المنخفضة التي يجتمع فيها ماء المطر ونحوه، وقد تسمى الخزانات التي تستعمل الآن أحواضًا، وهي ما يعرف بالجوابي في قوله تعالى: وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ (سبأ:13) فالجابية هي: مجمع الماء الذي يصلح بآجر أو بجص أو نحوه أو بحجارة حتى لا يُسرب الماء، ويجتمع فيه ماء النواضح الذي ينضح من الآبار، فيكون واسعًا أو ضيقًا على حسب ما يريده أهل الماء، فيسمى هذا حوضًا، فالمجتمع الذي يجتمع فيه الماء هو الحوض.
وقد ورد في حوض النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه مسيرة شهر في شهر؛ يعني: طوله مسيرة شهر وكذا عرضه أو طوله، من عدن إلى أيلة الشام يعني: من أقصى اليمن إلى أقصى الشام وهذا مقارب أنه مسيرة شهر أو أكثر من شهر، هذه مسافته.
وماؤه ورد أنه أحلى من العسل وأشد بياضًا من اللبن، وآنيته عدد نجوم السماء -أي: كيزانه التي فيه- يصب فيه ميزابان من الجنة، وقد فسر بالكوثر الذي في قوله تعالى : إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (الكوثر:1) وقيل: إن الكوثر نهر في الجنة، وأن هذا الحوض يُمد من ذلك النهر، يصب في هذا الحوض ميزابان من ذلك النهر الذي هو الكوثر.
ويَرِدُ عليه الناس تارة أفرادًا وتارة جماعات ليتمكنوا من الورود ويشربون، ومن شرب منه شربة لا يظمأ بعدها حتى يدخل الجنة، وتارة تذودهم الملائكة إذا كانوا قد غيروا أو بدلوا أو ابتدعوا، ولم يكونوا حقًّا من الأمة المحمدية المحققين للاتباع.
والأحاديث في الحوض تزيد على أربعين حديثًا، كما في بعض الكتب التي كتبت في أشراط الساعة، وقد استوفاها ابن كثير في النهاية في آخر التاريخ وغيره، مما يدل على تنوعها وعلى ثبوتها، ويؤخذ من مجموعها ما ذكر من صفة الحوض.