يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. logo شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
shape
تفسير سورة الكهف
49016 مشاهدة print word pdf
line-top
الكرامة والولاية

كثيرا ما يعتني المتأخرون بأخبار الأولياء، فيقولون: أولياء الله.. ما معنى ذلك؟ يقولون: إن الولي مشتق من الولاء، الذي هو موالاة الله لهم، أو تولي الله لهم، ولا شك أن أولياء الله تعالى هم كل مؤمن تقي ؛ لقوله تعالى: أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ثم قال: الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ فإذا جرت على يد إنسان كرامة، وحصل له كرامة؛ أكرمه الله تعالى بها من الخوارق؛ التي هي مخالفة للعادة؛ فإنها دليل على فضل هذا الذي جرت على يده هذه الكرامة، دليل على فضله، ودليل على مزية فيه، ولكن هل تدل على أنه أفضل من غيره؟ الصحيح أنها لا تدل.
ذكروا أن الكرامات كانت في التابعين أكثر مما كانت في الصحابة، ومع ذلك؛ فإنها موجودة في الصحابة. يعني: وجد أن كثيرا منهم تجري على أيديهم كثير من الكرامات، فاشتهر منهم أبو بكر -رضي الله عنه- لما كان عندهم ضيف، وأصلحوا ذلك الطعام، بارك الله في ذلك الطعام، يقولون: إننا إذا أكلنا لقمة ربا تحتها مثلها، أو أكثر منها، طعام يكفي ثلاثة أو أربعة، وأكل منه أكثر من مائة، أو أكثر من مئات. مع أن هذا عادة يفنى بسرعة. مذكور الحديث في صحيح البخاري
كذلك أيضا ما جرى لعمر -رضي الله عنه- أنه كان مرة يخطب، فلما كان في أثناء خطبته، جرى على لسانه نداء قائد له يقال له: سارية أخذ يقول: يا سارية الجبل، فيقال له: سارية بن زنيم قائد من القواد، يقول سارية سمعنا الصوت وقت صلاة الجمعة؛ وقت الخطبة؛ فأوينا إلى الجبل، فجعلناه خلف ظهورنا، واستقبلنا عدونا، فحصل لنا ذلك النصر. سمعوا كلمة عمر وهو في المدينة وهم في حدود الشام فكان سببا في نصرهم. فكلمة أجراها الله تعالى على لسانه.
وهكذا ما ذكر أن: عثمان -رضي الله عنه- لما قتل كان أول قطرة وقعت من دمه على قول الله تعالى: فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ؛ فكانت آية من آيات الله حيث كفاه الله تعالى قتلهم أن سُلِّطَ عليهم من قتلهم، ومن قاتلهم، ومن انتصر لعثمان منهم، ولو بعد حين.
هذه من كرامات الله تعالى لأوليائه؛ فتكون هذه القصة كرامة لهؤلاء الفئة.
وكرامة أيضا لهم أن بعث كلبهم معهم، لما أنهم استيقظوا، وعادت إليهم أرواحهم، وإذا هم على حالتهم، كلبهم على حالته، وهم على حالتهم، والصحيح أيضا أنها ما بَليت ثيابهم، ولا بليت أبدانهم، ولا بليت نقودهم التي كانت معهم؛ بل حفظها الله تعالى.
وكذلك أيضا أعثر الله تعالى عليهم قومهم. أي: عثروا عليهم، وبعد أن فقدوهم مدة طويلة، فلما عثروا عليهم استدلوا على أنهم من أولياء الله الصالحين؛ فكان ذلك سببا في أن غلوا فيهم هذا الغلو، وقالوا لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا .

line-bottom