الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
تفسير سورة الكهف
32745 مشاهدة
الباقيات الصالحات

وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا أي : خير من الدنيا، وخير من المال، وخير من الأُسَر، وخير من الولد، وخير من المتاع العاجل الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ يعني: متاع في الدنيا، كما في الآية الأخرى وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ .
وَالْبَاقِيَاتُ فسرت بأنها: الأعمال الصالحة، وفسرت بأنها: الأذكار، الأذكار: التسبيح، والتحميد، والتكبير، والتهليل، والاستغفار هذه من الباقيات الصالحات، وقيل: إنها الصلوات المكتوبة، وقيل: الصدقات، وما أشبهها مما يقدمه الإنسان إذا آتاه الله تعالى مالا في الدنيا، فقدم لآخرته فإن هذا هو من الباقيات الصالحات التي يبقى له أجرها، وزخرها عند الله تعالى.
وبكل حال نعترف بأن ما أعطانا الله تعالى فإنه فضله وعطاؤه يمن به على من يشاء، وأننا وما بأيدينا فإننا عواري ما أعطانا الله تعالى فإنه عارية مستردة، إما أن يسلب الإنسان ما أعطيه من زهرة الدنيا، وإما أن يرحل عنها، وينتقل، ويبقى عليه آثارها، ويبقى عليه حسابها؛ فعلى المسلم أن يهتم بآخرته، وأن يجعل الدنيا ممرا لا مستقرا، وأن يحرص على ما يقدمه مما آتاه الله تعالى، وأن يشكر الله على فضله، وأن يعترف بأن ما أعطاه فإنه محض فضل الله تعالى ليس بحوله، ولا بطوله.
نسأل الله أن يقنعنا فيما آتانا، وأن يرزقنا رزقا حلالا، وأن يغنينا بحلاله عن حرامه، وبفضله عما سواه، وأن يغني المسلمين بما آتاهم، وأن يقيهم شرور وشح أنفسهم، نسأله -سبحانه- أن يغني المسلمين بما أباحه لهم وأحله عن ما حرمه، وأن يرزقهم الاعتراف بفضله، وبعطائه ومَنِّه، إنه على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير. والله أعلم، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله، وصحبه أجمعين.