قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. logo إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه
shape
شرح كتاب الآجرومية
134093 مشاهدة print word pdf
line-top
إعراب الفعل المضارع

...............................................................................


النواصب ذكر أنها عشرة. أربعة تنصب بنفسها، وستة تنصب بأن مضمرة مقدرة بعد ذلك الحرف؛ يقدر بعده أن. فالتي تنصب بنفسها أن ولن وإذن وكي؛ هذه تنصب الفعل بنفسها؛ يعني هذا الحرف ينصب الفعل. فإن كان الفعل صحيح الآخر؛ ظهرت عليه الحركة. وهي حركة الفتح؛ فتقول مثلا: يعجبني أن تحفظ، وأن تفهم. قال تعالى: أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا أن هنا نصبت الفعل، وظهرت الفتحة عليه؛ لكونه صحيح الآخر.
وهكذا يظهر النصب عليه؛ إذا كان معتل الآخر بالياء؛ فتقول مثلا: إذا كنت تحب أن تبيع وأن تشتري وأن تربح وأن تسمح؛ هنا تشتري فعل مضارع معتل الآخر بالياء، ولكن ظهرت عليه الفتحة لخفتها. كما تقول مثلا: أحب أن أصلي في هذا المكان، وأن أزكي في هذا البلد. هذا فعل مضارع معتل بالياء فظهرت عليه فتحة.
وأما إذا كان معتل الآخر بالألف؛ فإنها لا تظهر عليه، وإن كان آخره ألفا. مثل، إذا قلت مثلا: إنك أن تسعى في طلب الرزق خير من أن تشقى في طلب الشرف. عندنا تسعى وتشقى. معتل الآخر بالألف، ومع ذلك دخلت عليه أن ولم يتغير؛ بقي على حاله؛ تسعى وتشقى معتل؛ فتقول: في تحب أن تسعى؛ منصوب بأن وعلامة نصبه فتحة مقدرة على الألف المقصورة منع من ظهورها التعذر؛ لأنه فعل مضارع معتل الآخر بالألف. التعذر يعني تعذر الفتحة على الألف المقصورة؛ لأنها تكتب ياء. آخر الفعل يكتب ياءً، تسعى؛ وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى وَهُوَ يَخْشَى تكتب بالألف. فإذا قلت: أن تسعى وأن تخشى لم يتغير الفعل.
وكذلك أيضا المعتل بالواو، المعتل بالواو تظهر عليه أيضا فتحة لخفتها؛ فتقول مثلا: ألا تحب أن تدعو ربك؟ . ألست ممن يحب أن يرجو فضل الله؟ . تدعو ترجو؛ فعل مضارع معتل الآخر بالواو دخلت عليه أن الناصبة؛ فتحرك الحرف الأخير وهو الواو.
أن تدعو أن ترجو مثل أن ترمي وأن تعطي وأن تصلي؛ فهذه يقال لها أم الباب؛ وهي أن ويقال فيها: إنها حرف مصدري ونصب. لماذا قيل لها حرف مصدري؟ . لأنه يقوم مقامها المصدر؛ هي وما دخلت عليه في موضع مصدر. أنت إذا قلت: يعجبني أن تقوم. اجعل مكان أن تقوم مصدرا، من القيام؛ يعجبني قيامك. قيام هذا المصدر؛ فأطلق عليها أنها حرف مصدري ونصب. أحب أن تجلس؛ أحب جلوسك، أرغب أن تحفظ؛ يعني أرغب حفظك. هذه مصادر.
ثم بعدها لن. قالوا في لن: إنها حرف نفي ونصب واستقبال؛ لأنها تنفي الكلام. الكلام الذي تدخل عليه لن يعتبر منفيا غير مثبت. وكذلك أيضا يكون الفعل مستقبلا. لم يقع؛ فقوله تعالى حكاية عن قوم موسى لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ لن نبرح؛ هذه نفي. لعدم الفعل؛ ما نبرح إلا كذا وكذا. واستقبال يعني فعل يدل على الاستقبال، وإذا قلت: فلان لن يحضر، أو أنت لن تحضر، أو لن تقرأ؛ فإن هذا نفي. ينفي قراءتك مثلا، وينفي حضورك؛ لن تعطى وما أشبه ذلك.
فالحاصل أن لن هذه لام ونون تقلب الفعل وتجعله لمستقبل، وتنصبه وتنفي الكلام، تجعل الكلام منفيا لا مثبتا؛ فهذا سبب تسميتها حرف نفي ونصب واستقبال. تعمل عمل أن في أنها تارة يكون الفعل منصوبا حقيقة؛ مثل لن نبرح، وتارة يكون مقدرا؛ مثل لن تسعى ولن تخشى، وتارة يكون معتلا؛ ومع ذلك تظهر عليه الحركة؛ مثل لن تدعو ولن ترجو، ولن تسعى ولن تخشى. كل هذا نفي لهذا الفعل.
يقول: النواصب أن ولن وإذن. كلمة إذن تكتب ألفا وذالا ونونا، وقد يكتب بعد الذال ألف، ويجعل عليها فتحتين على الذال؛ إذا. والذي في القرآن أنها تكتب بالألف؛ مثل قوله: وَإِنَّكُمْ إِذًا لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ مكتوبة إذا. وكثيرا ما ترد في الكتب بالنون؛ ألف وذال ونون.
ورد في الحديث؛ ذلك الرجل الذي قال له النبي صلى الله عليه وسلم: فلك يمينه قال: إذن يحلف ويذهب بمالى. إذن هذه من النواصب، دخلت على هذا الفعل فانتصب. إذن يحلف ويذهب. الفعل الثاني معطوف على الفعل الأول. فمثل هذا منصوب بهذه الحركة؛ إذن يذهب. ثم لا شك أنها إذا دخلت على فعل معتل مثل لن وأن ولن لا تظهر عليه الحركة مثل: إذن يسعى وإذن يخشى.
كذلك كي. قالوا في كي: إنها تنصب الفعل إذا دخلت عليه بنفسها، وتارة تنصبه بأن مضمرة؛ كقوله تعالى: فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا كي تقر؛ هنا قالوا: إنها فيها مقدر؛ كي أن تقر، أو لأجل أن تقر. وقالوا في قوله تعالى: لِكَيْ لَا تَأْسَوْا قالوا: إن تأسوا فعل مضارع منصوب بكي وعلامة نصبه حذف النون. فالحاصل أن هذه هي النواصب؛ يعني هذه الأربعة وبقي منها ستة نؤجلها إن شاء الله إلى درس آخر.

line-bottom