شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
شرح كتاب الآجرومية
111754 مشاهدة
أقسام الخبر

...............................................................................


ثم ذكر أن الخبر هو الذي يتم به الكلام:
والخبر الجزء المتم الفائدة
كـاللهُ بَرٌّ، والأيادي شـــاهدة
الخبر هو الذي تتم به الفائدة، وإن كان الفاعل أيضا تتم به الفائدة.
ذكر أن الخبر ينقسم إلى قسمين: مفرد وجملة. فالمفرد مثل ما تقدم، مثل: المسجد واسع، المسجد: مبتدأ، وواسع: خبره مفرد. وأما الجملة- غير المفرد- فذكر أنها أربعة أشياء: الظرف، والجار والمجرور، والفعل مع فاعله، والمبتدأ مع خبره. ومَثَّل للظرف بقوله مثلا: الكتاب عندك، عندك: خبرٌ، التقدير: كائن أو مستقر، حتى يكون مرفوعا، ولكنه هنا مبني لأنه ظرف، (عند)، و( لدى) من الظروف- ظروف المكان. ولكن الخبر مقدر. وَمَثَّل للجار والمجرور بقولهم: زيد في الدار، أو مثلا: خالد في المسجد، في المسجد: جار ومجرور، ولكن هو في محل رفع على أنه خبر للمبتدأ. التقدير:كائن: زيد كائن في الدار، أو جالس في الدار، زيد كائن في المجلس، أو في المسجد، أو مستقر في المجلس، أو في المسجد. فهو بمنزلة قولك: عمرو جالس في البيت. هذا خبر مقدر فيه كائن، أو مستقر.
الثالث: الفعل مع فاعله، يصلح أن يكون خبرا، فإن قولك مثلا: زيد قام، وعلي حضر. قام وحضر فعل، ولكنه أغنى عن الخبر، قام مقام الخبر؛ لأن فيه فاعلًا مقدرًا، التقدير: حضر هو، ومثله ما مثل به الماتن: زيد قام أبوه، يعني: أراد أن يكون الفاعل ظاهرا، زيد قام أبوه، جعله فاعلا ظاهرا، قام أبوه: قام: فعل ماض، وأبوه: فاعل أو قام غلامه، وقد يكون أيضا نائب فاعل، كأن تقول مثلا: زيد فُقِدَ كتابُه، نائب فاعل قام مقام المبتدأ والخبر.
الرابع: الفعل مع فاعله يقوم مقام الخبر أيضا، وَمَثَّلَ بقوله: زيد جاريته ذاهبة، جاريته مبتدأ، وذاهبة: خبر. فصار عندنا مبتدأ وخبر، وهي جملة في محل رفع على أنها خبر للمبتدأ الأول الذي هو زيد. فإذا قلت مثلا: سعيد بيته عامر، أو بابه مغلق، أو سعد مجلسه ممتلئ. هذا مبتدأ وخبر، ولكنه في محل رفع على أنه خبر لسعد الذي هو المبتدأ الأول، وبه يتم الكلام؛ فإنه يقول الخبر: الجزء المتم الفائدة. الأصل أن المبتدأ يكون اسمًا ظاهرًا، وقد يكون نكرة، إذا قلنا مثلا: عند زيد كتاب، أو كتاب مفيد، فالكتاب هنا: نكرة، وجُعِل مبتدأ مؤخرا، وجعل الظرف خبرا مقدما، التقدير: الكتاب عند زيد، وهكذا نتفطن في أن المبتدأ مرفوع إذا كان ظاهرا، وأن الخبر أيضا مرفوع. وسواء كان رفعه بالألف، أو بالواو، أو بالحركة التي هي الضمة، وتظهر في الاسم المفرد، وتظهر في الجمع المؤنث السالم، نحو: المسلماتُ قانتاتٌ: مبتدأ وخبر، كلاهما مرفوع على أنه مبتدأ وخبر. ويأتينا فيما بعد نواسخ المبتدأ والخبر.