الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه logo اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.
shape
شرح كتاب بهجة قلوب الأبرار لابن السعدي
115396 مشاهدة print word pdf
line-top
التنقص من المسلمين يؤدي إلى النفرة والتقاطع بينهم

...............................................................................


وما ذاك إلا أن هذه الأمور تسبب النفرة بين المسلمين، فإذا قيل لك: إن فلانا يقدح في عدالتك ويتنقصك ويعيبك بسوء الخلق، ويعيبك بالشراسة وبالجفاء وبغلظ الطبع، ويقدح فيك بأنك لا تقبل شهادتك، ولست أهلا لأن تصطفى وتختار، ولا أن تعمل عملا موثوقا به، ويقول: إنك من الخائنين وإنك من الكذبة، وإنك من الفسقة؛ يرميك بأشياء أنت بريء منها، أو فيك بعض الأشياء ولكنه يزيد ويضاعف ما فيك، ويسبك سبا ينقص به قدرك عند فلان وفلان.
في هذه الحال لا شك أنك تسبه، وتلتمس عثراته، وتقدح فيه كما قدح فيك، وتتبع صفاته، وتنظر في ما فيه من العيوب فتفشيها عادة، وتقول: أنتقم منه كما أنه عمل معي وتستدل بقوله: وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا وبقول الله: وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ فهذا لا شك أنه يسبب النفرة والتقاطع بين المسلمين، ووقوع العداوة والبغضاء التي تسبب أن كل منهم يستبد برأيه، وأنه ينفرد بعمله فلا يحصل تعاون بين المسلمين، ولا يحصل مساعدة على الخير، ولا يحصل أمر بالخير ودعوة إليه، بل كل يقول: عليكم بفلان أنا لست مسئولا، وإذا جاءك من يطلب منك أن تأمره وتنهاه تعتذر، وتقول: إنه يبغضني وأنا أبغضه إنه قد سب فلانا وفلانا، وما أشبه ذلك.
لا شك أن هذا أثر من آثار إطلاق الألسن في القذف والعيب في المسلمين، ولذلك ورد في الحديث: يا معشر من آمن بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه لا تؤذوا المؤمنين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عوراتهم تتبع الله عورته، ومن تتبع عورته يفضحه ولو في جوف بيته هذا لا شك أنه أثر من آثار هذا السباب، لا يكون السباب له أصحاب وله رفقاء، بل كل يبغضه ويمقته؛ فيسبب عداوة ومقاطعة بين المسلمين، ولذلك ورد التحذير من ذلك ورد قوله -صلى الله عليه وسلم- ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء .

line-bottom